Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 19-19)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَـٰهُمْ } أي كما أنمناهم وحفِظنا أجسادَهم من البِلى والتحلّل آيةً دالةً على كمال قدرتِنا بعثناهم من النوم { لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ } أي ليسأل بعضُهم بعضاً فيترتب عليه ما فُصّل من الحِكَم البالغةِ ، وجعلُه غايةً للبعث المعلّل فيما سبق بالاختبار من حيث إنه من أحكامه المترتبةِ عليه والاقتصارُ على ذكره لاستتباعه لسائر آثارِه { قَالَ } استئنافٌ لبـيان تساؤلِهم { قَائِلٌ مّنْهُمْ } هو رئيسُهم واسمُه مكسلمينا { كَمْ لَبِثْتُمْ } في منامكم ، لعله قاله لِما رأى من مخالفة حالِهم لما هو المعتادُ في الجملة { قَالُواْ } أي بعضُهم { لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } قيل : إنما قالوه لأنهم دخلوا الكهفَ غُدوةً وكان انتباهُهم آخرَ النهار ، فقالوا : لبثنا يوماً ، فلما رأَوا أن الشمسَ لم تغرُبْ بعْدُ ، قالوا : أو بعضَ يوم ، وكان ذلك بناءً على الظن الغالب فلم يُعْزوا إلى الكذب { قَالُواْ } أي بعضٌ آخرُ منهم بما سنح لهم من الأدلة أو بإلهام من الله سبحانه { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } أي أنتم لا تعلمون مدة لبثِكم وإنما يعلمها الله سبحانه ، وهذا ردٌّ منهم على الأولين بأجملِ ما يكون من مراعاة حسنِ الأدب وبه يتحقق التحزبُ إلى الحزبـين المعهودين فيما سبق ، وقد قيل : القائلون جميعُهم ولكن في حالتين ، ولا يساعده النظمُ الكريم فإن الاستئنافَ في الحكاية والخطابَ في المحكيّ يقضي بأن الكلامَ جارٍ على منهاج المحاورةِ والمجاوبةِ ، وإلا لقيل : ثم قالوا : ربنا أعلمُ بما لبثنا . { فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ } قالوه إعراضاً عن التعمق في البحث وإقبالاً على ما يُهمّهم بحسب الحالِ كما ينبىء عنه الفاءُ والورِقُ الفضةُ مضروبةً أو غيرَ مضروبة ، ووصفُها باسم الإشارةِ يُشعر بأن القائلَ ناولها بعضَ أصحابه ليشتريَ بها قوتَ يومِهم ذلك ، وقرىء بسكون الراء وبإدغام القافِ في الكاف وبكسر الواو وبسكون الراء مع الإدغام ، وحملُهم لها دليلٌ على أن التزودَ لا ينافي التوكلَ على الله تعالى { فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا } أي أهلِها { أَزْكَىٰ } أحلُّ وأطيبُ أو أكثرُ وأرخصُ { طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مّنْهُ } أي من ذلك الأزكى طعاماً { وَلْيَتَلَطَّفْ } وليتكلّف اللُّطفَ في المعاملة كيلا يُغبَنَ أو في الاستخفاء لئلا يُعرَف { وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا } من أهل المدينةِ فإنه يستدعي شيوعَ أخبارِكم أي لا يفعلنّ ما يؤدّي إلى ذلك ، فالنهيُ على الأول تأسيسٌ وعلى الثاني تأكيدٌ للأمر بالتلطف .