Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 43-45)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ } وقرىء بالياء التحتانية { فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ } يقدِرون على نصره بدفع الإهلاكِ أو على رد المهلِك أو الإتيانِ بمثله ، وجمعُ الضميرِ باعتبار المعنى كما في قوله عز وعلا : { يَرَوْنَهُمْ مّثْلَيْهِمْ } [ آل عمران : 13 ] { مِن دُونِ ٱللَّهِ } فإنه القادرُ على ذلك وحده { وَمَا كَانَ } في نفسه { مُنْتَصِراً } ممتنعاً بقوته عن انتقامه سبحانه . { هُنَالِكَ } في ذلك المقامِ وفي تلك الحال { ٱلْوَلَـٰيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقّ } أي النُصرة له وحده لا يقدِر عليها أحدٌ فهو تقريرٌ لما قبله ، أو ينصُر فيها أولياءَه من المؤمنين على الكفرة كما نصر بما فعل بالكافر أخاه المؤمنَ ، ويعضُده قوله تعالى : { هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } أي لأوليائه ، وقرىء الوِلاية بكسر الواو ومعناها الملكُ والسلطانُ له عز وجل لا يُغلَب ولا يُمتَنع منه أو لا يُعبد غيرُه كقوله تعالى : { وَإِذَا رَكِبُواْ فِى ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ } [ العنكبوت : 65 ] فيكون تنبـيهاً على أن قوله : يا ليتني لم أشرِك الخ ، كان عن اضطرار وجزَعٍ عمّا دهاه على أسلوب قوله تعالى : { ءالئَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ يونس : 91 ] وقيل : هنالك إشارةٌ إلى الآخرة كقوله تعالى : { لّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] وقرىء برفع الحقِّ على أنه صفةٌ للولاية وبنصبه على أنه مصدرٌ مؤكد ، وقرىء عقُباً بضم القاف وعُقْبى كرُجعى والكلُّ بمعنى العاقبة . { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } أي واذكر لهم ما يُشبهها في زَهْرتها ونَضارتها وسرعةِ زوالها لئلا يطمئنوا بها ولا يعكُفوا عليها ولا يَضرِبوا عن الآخرة صفحاً بالمرة ، أو بـيِّنْ لهم صفتَها العجيبة التي هي في الغرابة كالمثَل { كَمَاء } استئنافٌ لبـيان المثَل أي هي كماء { أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاء } ويجوز كونُه مفعولاً ثانياً لاضْربْ على أنه بمعنى صيّر { فَٱخْتَلَطَ بِهِ } اشتبك بسببه { نَبَاتُ ٱلأَرْضِ } فالتفّ وخالط بعضه بعضاً من كثرته وتكاثفه ، أو نجَع الماءُ في النبات حتى روِيَ ورفّ ، فمقتضى الظاهرِ حينئذ فاختلط بنبات الأرض ، وإيثارُ ما عليه النظمُ الكريمُ عليه للمبالغة في الكثرة فإن كلاًّ من المختلِطَين موصوفٌ بصفة صاحبِه { فَأَصْبَحَ } ذلك النباتُ الملتفُّ إثرَ بهجتها ورفيفِها { هَشِيمًا } مهشوماً مكسوراً { تَذْرُوهُ ٱلرّياحُ } تفرّقه ، وقرىء تُذْريه من أذراه وتذروه الريحُ ، وليس المشبَّهُ به نفسَ الماء بل هو الهيئةُ المنتزَعةُ من الجملة ، وهي حالُ النبات المُنبَتِ بالماء ، يكون أخضرَ وارفاً ثم هشيماً تطيِّره الرياحُ كأن لم يغْنَ بالأمس { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء } من الأشياء التي من جملتها الإنشاءُ والإفناءُ { مُّقْتَدِرًا } قادراً على الكمال .