Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 65-69)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَوَجَدَا عَبْدًا مّنْ عِبَادِنَا } التنكيرُ للتفخيم والإضافةُ للتشريف والجمهور على أنه الخِضْرُ واسُمه بَلْيَا بنُ مَلْكَان ، وقيل : اليسع ، وقيل : إلياس عليهم الصلاة والسلام { آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا } هي الوحيُ والنبوةُ كما يُشعِرُ به تنكيرُ الرحمة واختصاصُها بجناب الكبرياء { وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا } خاصاً لا يُكتنه كُنهُه ولا يقادر قدرُه وهو علمُ الغيوب . { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ } استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال نشأ من السباق ، كأنه قيل : فماذا جرى بـينهما من الكلام ؟ فقيل : قال له موسى : { هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلّمَنِ } استئذاناً منه في اتّباعه له على وجه التعلم { مِمَّا عُلّمْتَ رُشْداً } أي علماً ذا رُشدٍ أرشُد به في ديني ، والرشدُ إصابةُ الخير ، وقرىء بفتحتين وهو مفعولُ تعلّمنِ ومفعول عُلّمت محذوفٌ وكلاهما منقولٌ من عِلم المتعدي إلى مفعول واحد ، ويجوز كونُه علةً لأتبعُك أو مصدراً بإضمار فعله ، ولا ينافي نبوتَه وكونَه صاحبَ شريعةٍ أن يتعلم من نبـي آخرَ ما لا تعلقَ له بأحكام شريعتِه من أسرار العلومِ الخفية ، ولقد راعىٰ في سَوق الكلام غايةَ التواضع معه عليهما السلام . { قَالَ } أي الخِضْر : { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً } نفىٰ عنه استطاعةَ الصبر معه على وجه التأكيد كأنه مما لا يصِحّ ولا يستقيم وعلله بقوله : { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } إيذاناً بأنه يتولى أموراً خفيةَ المدارِ مُنْكَرةَ الظواهرِ ، والرجلُ الصالح لا سيما صاحبِ الشريعة لا يتمالك أن يشمئز عند مشاهدتها . وفي صحيح البخاري قال : " يا موسى إنى على علمٍ من علم الله تعالى علَّمنيه لا تعلَمُه وأنت على علمٍ من علم الله علّمكه الله لا أعلمه " ، وخبراً تميـيز أي لم يحط به خبرك . { قَالَ } موسى عليه الصلاة والسلام : { سَتَجِدُنِى إِن شَاء ٱللَّهُ صَابِرًا } معك غيرَ معترضٍ عليك ، وتوسيطُ الاستثناء بـين مفعولَي الوُجدان لكمال الاعتناءِ بالتيمّن ولئلا يُتوهّم بالصبر { وَلاَ أَعْصِى لَكَ أمْراً } عطف على صابراً أي ستجدني صابراً وغيرَ عاصٍ ، وفي وعد هذا الوُجدان من المبالغة ما ليس في الوعد بنفس الصبرِ وتركِ العصيان ، أو على ستجدني فلا محلَّ له من الإعراب والأولُ هو الأولى لما عرفته ولظهور تعلقِه بالاستثناء حينئذ ، وفيه دليلٌ على أن أفعالَ العبادِ بمشيئة الله سبحانه وتعالى .