Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 84-84)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى ٱلأَرْضِ } شروعٌ في تلاوة الذكر المعهودِ حسبما هو الموعودُ ، والتمكينُ هٰهنا الإقدارُ وتمهيدُ الأسباب ، يقال : مكّنه ومكّن له ومعنى الأولِ جعله قادراً وقوياً ، ومعنى الثاني جعل له قدرةً وقوةً ، ولتلازمهما في الوجود وتقاربهما في المعنى يُستعمل كلٌّ منهما في محل الآخر كما في قوله عز وعلا : { مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ } [ الأنعام ، الآية 6 ] أي جعلناهم قادرين من حيث القُوى والأسبابُ والآلاتُ على أنواع التصرفاتِ فيها ، ما لم نجعلْه لكم من القوة والسَّعة في المال والاستظهارِ بالعَدد والأسباب ، فكأنه قيل : ما لم نمكنْكم فيها أي ما لم نجعلْكم قادرين على ذلك فيها أو مكنّا لهم في الأرض ما لم نمكنْ لكم ، وهكذا إذا كان التمكينُ مأخوذاً من المكان بناءً على توهّم ميمِه أصليةً كما أشير إليه في سورة يوسفَ عليه الصلاة والسلام ، والمعنى إنا جعلنا له مَكِنةً وقدرةً على التصرف في الأرض من حيث التدبـيرُ والرأيُ والأسبابُ ، حيث سُخّر له السحابُ ، ومُدّ له في الأسباب ، وبُسط له النورُ ، وكان الليلُ والنهار عليه سواءً ، وسُهِّل عليه السيرُ في الأرض ، وذُلّلت له طرقها { وَآتَيْنَـٰهُ مِن كُلّ شَىْء } أراده من مُهمّات مُلكه ومقاصدِه المتعلقة بسلطانه { سَبَباً } أي طريقاً يوصله إليه وهو كلُّ ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة .