Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 97-98)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَمَا ٱسْطَـٰعُواْ } بحذف تاء الافتعال تخفيفاً وحذَراً عن تلاقي المتقارِبَـين ، وقرىء بالإدغام وفيه جمعٌ بـين الساكنين على غير حِدَة ، وقرىء بقلب السين صاداً ، والفاء فصيحةٌ أي فعلوا ما أُمروا به من إيتاء القِطْر أو الإتيانِ ، فأفرغَه عليه ، فاختلط والتصق بعضُه ببعض ، فصار جبلاً صَلْداً ، فجاء يأجوجُ ومأجوجُ ، فقصدوا أن يعلُوه وينقُبوه فما استطاعوا { أَن يَظْهَرُوهُ } أي يعلوه ويرقَوا فيه لارتفاعه وملاسته { وَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ لَهُ نَقْبًا } لصلابته وثخانتِه ، وهذه معجزةٌ عظيمةٌ لأن تلك الزُبَرَ الكثيرةَ إذا أثرت فيها حرارةُ النار لا يقدر الحيوانُ على أن يحوم حولها فضلاً عن النفخ فيها إلى أن تكون كالنار ، أو عن إفراغ القِطر عليها فكأنه سبحانه وتعالى صرف تأثيرَ الحرارةِ العظيمة عن أبدان أولئك المباشرين للأعمال فكان ما كان والله على كل شيء قدير . وقيل : بناه من الصخور مرتبطاً بعضُها ببعض بكلاليب من حديد ونحاسٍ مُذاب في تجاويفها بحيث لم يبق هناك فُرجةٌ أصلاً . { قَالَ } أي ذو القرنين لمن عنده من أهل تلك الديارِ وغيرهم { هَـٰذَا } إشارةٌ إلى السد ، وقيل : إلى تمكينه من بنائه والفضلُ للمتقدم أي هذا الذي ظهر على يدي وحصل بمباشرتي من السد الذي شأنُه ما ذكر من المتانة وصعوبةِ المنال { رَحْمَةٌ } أي أثرُ رحمةٍ عظيمة عبر عنه بها مبالغةً { مّن رَّبّى } على كافة العباد لا سيما على مجاوريه ، وفيه إيذانٌ بأنه ليس من قبـيل الآثارِ الحاصلةِ بمباشرة الخلقِ عادةً بل هو إحسانٌ إلٰهي محضٌ وإن ظهر بمباشرتي ، والتعرّضُ لوصف الربوبـية لتربـية معنى الرحمة . { فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبّى } مصدر بمعنى المفعول وهو يومُ القيامة لا خروجُ يأجوجَ ومأجوجَ كما قيل إذ لا يساعده النظمُ الكريم ، والمراد بمجيئه ما ينتظم مجيئَه ومجيءَ مباديه من خروجهم وخروجِ الدجالِ ونزولِ عيسى عليه الصلاة والسلام ونحوِ ذلك لا دنوُّ وقوعِه فقط كما قيل ، فإن بعضَ الأمور التي ستُحكىٰ تقع بعد مجيئِه حتماً { جَعَلَهُ } أي السدَّ المشارَ إليه مع متانته ورصانتِه ، وفيه من الجزالة ما ليس في توجيه الإشارةِ السابقة إلى التمكين المذكور { دَكَّاء } أي أرضاً مستويةً ، وقرىء دكاً أي مدكوكاً مسوَّى بالأرض ، وكلُّ ما انبسط بعد ارتفاعٍ فقد اندك ومنه الجملُ الأدكُّ أي المنبسطُ السنام ، وهذا الجعلُ وقت مجيءِ الوعد بمجيء بعضِ مباديه ، وفيه بـيانٌ لعظم قدرتِه عز وجل بعد بـيان سعةِ رحمته { وَكَانَ وَعْدُ رَبّى } أي وعدُه المعهودُ أو كلُّ ما وعد به فيدخُل فيه ذلك دخولاً أولياً { حَقّاً } ثابتاً لا محالةَ واقعاً البتة ، وهذه الجملةُ تذيـيلٌ من ذي القرنين لما ذكره من الجملة الشرطيةِ ومقرِّرٌ مؤكدٌ لمضمونها وهو آخرُ ما حُكي من قصته .