Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 52-56)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَنَـٰدَيْنَـٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ } الطورُ جبلٌ بـين مصرَ ومدْيَنَ ، والأيمنُ صفةٌ للجانب أي ناديناه من ناحيته اليُمنى من اليمين وهي التي تلي يمينَ موسى عليه السلام ، أو من جانبه الميمونِ من اليُمن ومعنى ندائِه منه أنْ تمثّل له الكلامُ من تلك الجهة { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } تقريبَ تشريفٍ ، مُثّل حالُه عليه السلام بحال من قرّبه الملِكُ لمناجاته واصطفاه لمصاحبته ونجياً أي مناجياً حالٌ من أحد الضميرين في ناديناه أو قربناه ، وقيل : مرتفعاً لما روي أنه عليه السلام رُفع في السموات حتى سمع صَريفَ القلم . { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا } أي من أجل رحمتِنا ورأفتِنا له أو بعضِ رحمتنا { أَخَاهُ } أي معاضَدةَ أخيه ومؤازرَتَه إجابةً لدعوته بقوله : { وَٱجْعَل لّي وَزِيراً مّنْ أَهْلِي هَـٰرُونَ أَخِي } [ طه : 29 - 30 ] لا نفسَه لأنه كان أكبرَ منه عليهما السلام ، وهو على الأول مفعولٌ لوهبنا وعلى الثاني بدلٌ وقوله تعالى : { هَـٰرُونَ } عطف بـيان له وقوله تعالى : { نَبِيّاً } حال منه . { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَـٰبِ إِسْمَـٰعِيلَ } فُصّل ذكره عن ذكر أبـيه وأخيه لإبراز كمال الاعتناءِ بأمره بإيراده مستقلاً وقوله تعالى : { إِنَّهُ كَانَ صَـٰدِقَ ٱلْوَعْدِ } تعليلٌ لموجب الأمر ، وإيرادُه عليه السلام بهذا الوصف لكمال شهرتِه به وناهيك أنه وعَدَ الصبرَ على الذبح بقوله : { سَتَجِدُنِي إِن شَاء ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ } [ الصافات : 102 ] فوفّى { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } فيه دِلالةٌ على أن الرسولَ لا يجب أن يكون صاحبَ شريعةٍ ، فإن أولادَ إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام كانوا على شريعته . { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلَوٰةِ وَٱلزَّكَـوٰةِ } اشتغالاً بالأهم وهو أن يُقْبل الرجلُ بالتكميل على نفسه مَنْ هو أقربُ الناس إليه قال تعالى : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } [ الشعراء : 214 ] { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ } [ طه : 132 ] { قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } [ التحريم : 6 ] وقصد إلى تكميل الكل بتكميلهم لأنهم قدوةٌ يؤتسىٰ بهم ، وقيل : أهلُه أمتُه فإن الأنبـياءَ عليهم السلام آباءُ الأمم { وَكَانَ عِندَ رَبّهِ مَرْضِيّاً } لاتصافه بالنعوت الجليلةِ التي من جملتها ما ذكر من خصاله الحميدة . { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَـٰبِ إِدْرِيسَ } وهو سِبطُ شَيْثٍ وجدُّ أبـي نوحٍ فإنه نوحُ بنُ لمك بن متوشلح بنِ أُخنوخ وهو إدريسُ عليه السلام ، واشتقاقُه من الدّرس يُرده منعُ صرفِه . نعم لا يبعُد أن يكون معناه في تلك اللغة قريباً من ذلك فلُقّب به لكثرة دراسته . روي أنه تعالى أنزل عليه ثلاثين صحيفةً وأنه أولُ من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب { إِنَّهُ كَانَ صِدّيقاً } ملازماً للصدق في جميع أحوالِه { نَبِيّاً } خبرٌ آخرُ لكان مخصّصٌ للأول ، إذ ليس كلُّ صدّيق نبـياً .