Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 59-62)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } يقال : لعَقِب الخير خلفٌ بفتح اللام ولعقِب الشرِّ خلْفٌ بالسكون أي فعقَبهم وجاء بعدهم عَقِبُ سوءٍ { أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ } وقرىء الصلواتِ أي تركوها أو أخّروها عن وقتها { وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ } من شرب الخمر واستحلالِ نكاحِ الأختِ من الأب والانهماكِ في فنون المعاصي . وعن علي رضي الله عنه عندهم مِنْ بناء المشيَّد وركوبِ المنظور ولُبس المشهور { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } أي شراً فإن كلَّ شر عند العرب غيٌّ وكل خير رشادٌ كقوله : [ الطويل ] @ فمن يلقَ خيراً يحمَدِ الناسُ أمرَه ومن يغْوِ لا يعدَمْ على الغي لائما @@ وعن الضحاك جزاءَ غيَ كقوله تعالى : { يَلْقَ أَثَاماً } [ الفرقان : 68 ] أو غياً عن طريق الجنة ، وقيل : " غَيٌّ وادٍ في جهنمَ تستعيذ منه أوديتُها " وقوله تعالى : { إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً } يدل على أن الآيةَ في حق الكفرة { فَأُوْلَـئِكَ } إشارةٌ إلى الموصول باعتبار اتصافِه بما في حيز الصلة ، وما فيه من معنى البُعد لما مرّ مراراً ، أي فأولئك المنعوتون بالتوبة والإيمانِ والعمل الصالح { يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } بموجب الوعدِ المحتوم وقرىء يُدْخَلون على البناء للمفعول . { وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } أي لا يُنقَصون من جزاء أعمالِهم شيئاً ، أو لا ينقصون شيئاً من النقص ، وفيه تنبـيهٌ على أن كفرَهم السابقَ لا يضرهم ولا ينقُص أجورَهم { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } بدلٌ من الجنةَ بدلَ البعض لاشتمالها عليها وما بـينهما اعتراضٌ أو نصبٌ على المدح ، وقرىء بالرفع على أنه خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ أي هي أو تلك جنات الخ . أو مبتدأ خبرُه التي وعد الخ ، وقرىء جنة عدْنَ نصباً ورفعاً ، وعدْنُ علمٌ لمعنى العَدْن وهو الإقامةُ كما أن فيْنةَ وسحرَ وأمسَ فيمن لم يصرِفها أعلامٌ لمعاني الفينةِ وهي الساعة التي أنت فيها والسحرِ والأمسِ فجرى لذلك مجرى العدْن ، أو هو علمٌ لأرض الجنة خاصةً ولولا ذلك لما ساغ إبدالُ ما أضيف إليه من الجنة بلا وصفٍ عند غير البصريـين ولا صفةٍ بقوله تعالى : { ٱلَّتِى وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ } وجعلُه بدلاً منه خلافُ الظاهر فإن الموصولَ في حكم المشتقّ وقد نصّوا على أن البدَل بالمشتق ضعيفٌ ، والتعرضُ لعنوان الرحمة للإيذان بأن وعدَها وإنجازَه لكمال سَعةِ رحمته والباء في قوله تعالى : { بِٱلْغَيْبِ } متعلقةٌ بمضمر هو حالٌ من المضمر العائدِ إلى الجنات أو من عباده ، أي وعدها إياهم ملتبسةً أو ملتبسين بالغيب ، أي غائبةً عنهم غيرَ حاضرة أو غائبـين عنها لا يرَوْنها وإنما آمنوا بها بمجرد الإخبار ، أو بمضمر هو سببُ الوعدِ أي وعدها إياهم بسبب إيمانِهم . { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ } أي موعدُه كائناً ما كان فيدخل فيه الجناتُ الموعودةُ دخولاً أولياً ، ولما كانت هي مثابةً يُرجَع إليها قيل : { مَأْتِيّاً } أي يأتيه مَنْ وُعِد له لا محالة بغير خُلْف ، وقيل : هو مفعولٌ بمعنى فاعل ، وقيل : مأتياً أي مفعولاً مُنجَزاً من أتى إليه إحساناً أي فعَلَه . { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } أي فضولَ كلامٍ لا طائلَ تحته وهو كنايةٌ عن عدم صدورِ اللغوِ من أهلها ، وفيه تنبـيهٌ على أن اللغوَ مما ينبغي أن يُجتنَب عنه في هذه الدارِ ما أمكن { إِلاَّ سَلَـٰماً } استثناءٌ منقطِعٌ أي لكن يسمعون تسليمَ الملائكة عليهم أو تسليمَ بعضهم على بعض ، أو متصلٌ بطريق التعليقِ بالمُحال أي لا يسمعون لغواً ما إلا سلاماً فحيث استحال كونُ السلامِ لغواً استحال سماعُهم له بالكلية كما في قوله : [ الطويل ] @ ولا عيبَ فيهم غيرَ أن سيوفَهم بهنّ فُلولٌ من قراع الكتائبِ @@ أو على أن معناه الدعاءُ بالسلامة وهم أغنياءُ عنه فهو من باب اللغو ظاهراً وإنما فائدتُه الإكرامُ وقوله تعالى : { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } واردٌ على عادة المتنعّمين في هذه الدار ، وقيل : المرادُ دوامُ رزقِهم ودُرورُه وإلا فليس فيها بكرةٌ ولا عشيٌّ .