Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 131-132)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ قَالَ لَهُ } ظرفٌ لاصطفيناه لما أن المتوسِّط ليس بأجنبـي بل هو مقرِّر له لأن اصطفاءه في الدنيا إنما هو بالنبوة وما يتعلق بصلاح الآخرة أو تعليلٌ له منصوب باذكُرْ كأنه قيل : اذكر ذلك الوقتَ لتقف على أنه المصطفىٰ الصالحُ المستحِقُّ للإمامة والتقدم ، وأنه ما نال ما نال إلا بالمبادرة إلى الإذعان والانقياد لما أُمر به وإخلاصِ سرِّه على أحسنِ ما يكون حين قال له { رَبُّهُ أَسْلِمْ } أي لربك { قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } وليس الأمرُ على حقيقته بل هو تمثيلٌ والمعنى أخطر بباله دلائلَ التوحيد المؤديةَ إلى المعرفة الداعيةَ إلى الإسلام من الكوكب والقمر والشمسِ وقيل : أسلم أي أذعِنْ وأطع وقيل : اثبُتْ على ما أنت عليه من الإسلام والإخلاصِ أو استقمْ وفوِّضْ أمورك إلى الله تعالى فالأمرُ على حقيقته ، والالتفاتُ مع التعرض لعنوان الربوبـيةِ والإضافةِ إليه عليه السلام لإظهارِ مزيدِ اللطفِ به والاعتناءِ بتربـيته ، وإضافةُ الرب في جوابه عليه الصلاة والسلام إلى ( العالمين ) للإيذان بكمال قوةِ إسلامِه حيث أيقنَ حين النظر بشمولِ ربوبـيتِه للعالمين قاطبةً لا لنفسِه وحده كما هو المأمور به { وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرٰهِيمُ بَنِيهِ } شروعٌ في بـيان تكميلِه عليه السلام لغيره إثرَ بـيانِ كماله في نفسه وفيه توكيدٌ لوجوب الرغبة في مِلته عليه السلام ، والتوصيةُ التقدمُ إلى الغير بما فيه خيرٌ وصلاح للمسلمين من فعلٍ أو قولٍ ، وأصلُها الوَصْلة يقال : وصّاه إذا وصَله وفصّاه إذا فَصَله كأن الموصِيَ يصِلُ فعلُه بفعل الوصيّ ، والضمير في بها للمِلّة أو قولِه أسلمتُ لرب العالمين بتأويل الكلمة كما عبر بها عن قوله تعالى : { إِنَّنِى بَرَاء مّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ ٱلَّذِى فَطَرَنِى } [ الزخرف ، الآية 25 ، 26 ] في قوله عز وجل : { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَـٰقِيَةً فِى عَقِبِهِ } [ الزخرف ، الآية 28 ] وقرىء أَوْصىٰ والأول أبلغُ { وَيَعْقُوبَ } عطفٌ على إبراهيمُ أي وصَّى بها هو أيضاً بنيه وقرىء بالنصب عطفاً على بنيه { أَوْ بَنِىَّ } على إضمار القولِ عند البصريـين ومتعلق بوصَّى عند الكوفيـين لأنه في معنى القول كما في قوله : [ الراجز ] @ رَجْلانِ من ضَبَّةَ أخبرانا إنا رأَيْنا رَجُلاً عُريانا @@ فهو عند الأولين بتقدير القول وعند الآخرين متعلق بالإخبار الذي هو في معنى القول وقرىء أن يا بني ، وبنو إبراهيمَ عليه السلام كانوا أربعةً : إسماعيلُ وإسحاقُ ومدينُ ومدان وقيل : ثمانيةٌ وقيل : أربعةً وعشرين وكان بنو يعقوبَ اثني عشرَ : روبـين وشمعون ولاوي ويهوذا ويشسوخور وزبولون وزوانا وتفتونا وكوذا وأوشير وبنيامين ويوسف عليه السلام { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدّينَ } دين الإسلام الذي هو صفوةُ الأديان ولا دينَ غيرُه عنده تعالى : { فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ظاهرُه النهيُ عن الموت على خلاف حال الإسلام والمقصودُ الأمرُ بالثبات على الإسلام إلى حين الموتِ أي فاثبُتوا عليه ولا تفارقوه أبداً كقولك : لا تصلِّ إلا وأنت خاشِعٌ ، وتغيـيرُ العبارة للدلالة على أن موتهم لا على الإسلام موتٌ لا خيرَ فيه وأن حقه أن لا يِحلَّ بهم وأنه يجب أن يحذَروه غايةَ الحذَر ، ونظيرُه مُتْ وأنت شهيدٌ رُوي أن اليهودَ قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ألستَ تعلم أن يعقوبَ أوصى باليهودية يوم مات ؟