Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 167-168)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } حين عاينوا تبرُؤَ الرؤساءِ منهم وندِموا على ما فعلوا من اتّباعهم لهم في الدنيا { لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً } أي ليت لنا رجعةً إلى الدنيا { فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ } هناك { كَمَا تبرءوا منا } اليوم { كَذٰلِكَ } إشارةٌ إلى مصدر الفعلِ الذي بعده لا إلى شيءٍ آخرَ مفهومٍ مما سبق ، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجةِ المشارِ إليه وبُعد منزلتِه مع كمال تميُّزِه عما عداه وانتظامِه في سلك الأمورِ المشاهدة ، والكافُ مُقحَمةٌ لتأكيد ما أفاده اسمُ الإشارةِ من الفخامةِ ، ومحلُه النصبُ على المصدرية أي ذلك الإراءَ الفظيعَ { يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَـٰلَهُمْ حَسَرٰتٍ عَلَيْهِمْ } أي نداماتٍ شديدةً فإن الحسرةَ شدةُ الندم والكمَدِ ، وهي تألمُ القلبِ وانحسارُه عما يُؤْلمه ، واشتقاقُه من قولهم بعير حسيرٌ أي منقطعٌ القوة وهي ثالثُ مفاعيلِ يُري إن كان من رؤية القلبِ وإلا فهي حالٌ ، والمعنى أن أعمالَهم تنقلبُ حسراتٍ عليهم فلا يرَوْن إلا حسراتٍ مكانَ أعمالِهم { وَمَا هُم بِخَـٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } كلامٌ مستأنفٌ لبـيان حالِهم بعد دخولِهم النارَ ، والأصلُ وما يخرجون ، والعدولُ إلى الاسمية لإفادة دوامِ نفي الخروج ، والضميرُ للدَلالة على قوةِ أمرِهم فيما أُسند إليهم كما في قوله : @ هُمُ يفرُشون اللِّبْدَ كُلَّ طِمِرَّةٍ وأجردَ سبّاقٍ يبزّ المُغالبا @@ { يـٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِى ٱلأرْضِ } أي بعضِ ما فيها من أصناف المأكولات التي من جملتها ما حرّمتموه افتراءً على الله من الحرْثِ والأنعام . قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في قومٍ من ثقيفٍ وبني عامرِ بنِ صَعْصَعةَ وخُزاعةَ وبني مدلج حرَّموا على أنفسهم ما حرّموا من الحرْث والبحائرِ والسوائبِ والوصائل والحامِ ، وقولُه تعالى : { حَلَـٰلاً } حال من الموصول أي كلوه حال كونه حلالاً ، أو مفعولٌ لكلوا على أنّ مِنْ ابتدائيةٌ وقد جُوِّز كونُه صفةً لمصدر مؤكَّدٍ أي أكلاً حلالاً ، ويؤيد الأولَيْن قولُه تعالى : { طَيّباً } فإنه صفةٌ له ووصفُ الأكل به غيرُ معتاد ، وقيل : نزلت في قوم من المؤمنين حرموا على أنفسهم رفيعَ الأطعمة والملابس ، ويردّه قوله عز وجل : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ } أي لا تقتدوا بها في اتباع الهوىٰ فإنه صريحٌ في أن الخطابَ للكفرة ، كيف لا وتحريمُ الحلال على نفسه تزهيداً ليس من باب اتباع خطواتِ الشيطانِ فضلاً عن كونه تقوُّلاً وافتراءً على الله تعالى ، وإنما الذي نزل فيهم ما في سورة المائدة من قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيّبَـٰتِ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ } [ المائدة ، الآية 87 ] الآية ، وقرىء ( خُطْواتِ ) بسكون الطاء وهما لغتان في جمع خُطْوة وهي ما بـين قدمي الخاطي ، وقرىء بضمتين وهمزة ، جعلت الضمةُ على الطاء كأنها على الواو ، وبفتحتين على أنها جمعُ خَطْوة وهي المرة من الخَطْو { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } تعليل للنهي ، أي ظاهرُ العداوة عند ذوي البصيرة وإن كان يُظهر الولاية لمن يُغويه ، ولذلك سُمِّي ولياً في قوله تعالى : { أَوْلِيَاؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ } [ البقرة ، الآية 257 ] .