Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 203-204)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } أي كبِّروه في أعقاب الصلواتِ وعند ذبحِ القرابـينِ ورمي الجمارِ وغيرِها { فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودٰتٍ } هي أيامُ التشريق { فَمَن تَعَجَّلَ } أي استعجَلَ في النفر أو النفْرَ فإن التفعّل والاستفعال يجيئان لازمين ومتعدّيـين يقال : تعجل في الأمر واستعجل فيه وتعجله واستعجله والأول أوفقُ للتأخر كما في قوله : [ البسيط ] @ قد يُدرك المتأني بعضَ حاجتِه وقد يكون من المستعجل الزللُ @@ { فِى يَوْمَيْنِ } أي في تمامِ يومين بعد يوم النحر وهو القرُّ ويومُ الرؤس واليومُ بعده ينفِر إذا فرَغ من رمي الجمار { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } بتعجله { وَمَن تَأَخَّرَ } في النفر حتى رمىٰ في اليوم الثالثِ قبل الزوالِ أو بعده ، وعند الشافعيّ بعده فقط { فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } بما صنعَ من التأخُّرِ ، والمرادُ التخيـيرُ بـين التعجل والتأخر ، ولا يقدح فيه أفضليةُ الثاني وإنما ورد بنفي الإثم تصريحاً بالرد على أهل الجاهلية حيث كانوا مختلفين فمن مُؤثِّمٍ للمتعجل ومؤثمٍ للمتأخر { لِمَنِ ٱتَّقَىٰ } خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ أي الذي ذُكر من التخيـير ونفي الإثم عن المتعجّل والمتأخر ، أو من الأحكام لمن اتقى لأنه الحاج على الحقيقة والمنتفع به أو لأجله حتى لا يتضرِّرَ بترك ما يُهمُّه منهما { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في مَجامِع أمورِكم بفعل الواجبات وترك المحظورات ليعبأَ بكم وتنتظِموا في سلك المغتنمين بالأحكام المذكورة والرُخَص أو احذروا الإخلالَ بما ذُكر من الأحكام ، وهو الأنسبُ بقوله عز وجل : { وَٱعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي للجزاء على أعمالكم بعد الإحياءِ والبعث ، وأصلُ الحشر الجمعُ والضمُّ المتفرّق ، وهو تأكيدٌ للأمر بالتقوى وموجب للامتثال به ، فإن من علِم بالحشر والمحاسبة والجزاءِ كان ذلك من أقوى الدواعي إلى ملازمة التقوى . { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ } تجريدٌ للخطاب وتوجيهٌ له إليه عليه الصلاة والسلام وهو كلامٌ مبتدأ سيق لبـيان تحزُّب الناسِ في شأن التقوى إلى حِزبـين وتعيـينِ مآلِ كلٍّ منهما و ( من ) موصولة أو موصوفة وإعرابُه كما بـينا في قوله تعالى : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ } [ البقرة ، الآية 8 ] أي ومنهم من يروقْك كلامُه ويعظُم موقعُه في نفسك لما تشاهد فيه من ملاءمة الفحوى ولُطف الأداءِ ، والتعجُّب حِيْرةٌ تعرِضُ للإنسان بسبب عدمِ الشعور بسبب ما يتعجّب منه { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } متعلق بقولُه أي ما يقوله في حق الحياة الدنيا ومعناها فإنها الذي يريده بما يدّعيه من الإيمان ومحبةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، وفيه إشارةٌ إلى أن له قولاً آخرَ ليس بهذه الصفة أو بـيُعجبُك أي يعجبك قولُه في الدنيا بحلاوته وفصاحتِه لا في الآخرة لما أنه يظهر هناك كذِبُه وقُبحُه وقيل : لما يُرهِقه من الحبْسة واللُكنة وأنت خبـيرٌ بأنه لا مبالغة حينئذ في سوء حالِه فإن مآلَه بـيانُ حسنِ كلامِه في الدنيا وقبُحِه في الآخرة وقيل : معنى في الحياة الدنيا أي لا يصدُر منه فيها إلا القولُ الحسن { وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ } أي بحسَب ادِّعائِه حيث يقول : الله يعلم أن ما في قلبـي موافِقٌ لما في لساني وهو عطفٌ على يُعجبُك ، وقرىء ويُشهدُ الله ، فالمرادُ بما في قلبه ما فيه حقيقةً ، ويؤيده قراءةُ ابنِ عباس رضي الله عنهما ( والله يشهَدُ على ما في قلبه ) على أن كلمةَ على لكون المشهودِ به مُضِرّاً له ، فالجملةُ اعتراضية وقرىء ويستشهدُ الله { وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } أي شديد العداوةِ والخصومةِ للمسلمين على أن الخِصامَ مصدرٌ وإضافة ( ألدُّ ) إليه بمعنى في كقولكم : ثبْتُ العذرِ ، أو أشدُّ الخصوم لهم خصومةً على أنه جمع خَصْم كصَعْب وصِعاب قيل : نزلت في الأخنس بنِ شُرَيقٍ الثقفي وكان حسنَ المنظر حلوَ المنطق يوالي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ويدعي الإسلامَ والمحبة وقيل : في المنافقين والجملةُ حال من الضمير المجرور في قوله أو من المستكن في يُشهد وعطف على ما قبلها على القراءتين المتوسطتين .