Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 247-247)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ } شروعٌ في تفصيل ما جرى بـينه عليه السلام وبـينهم من الأقوال والأفعال إثرَ الإشارةِ الإجمالية إلى مصير حالِهم أي قال لهم بعد ما أُوحي إليه ما أوحي : { إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا } طالوتُ علمٌ عِبْريٌّ كداودَ ، وجعلُه فَعْلوتاً من الطول يأباه منعُ صرفِه و { مَلَكًا } [ البقرة ، الآية : 247 ] حال منه . رُوي أنه عليه السلام لما دعا ربه أن يجعل لهم ملِكاً أتى بعصاً يُقاس بها من يملِكُ عليهم فلم يساوِها إلا طالوتُ { قَالُواْ } استئناف كما مر { أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا } أي من أين يكون أو كيف يكون ذلك { وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مّنَ ٱلْمَالِ } الواو الأولى حاليةٌ والثانيةُ عاطفةٌ جامعةٌ للجملتين في الحُكم أي كيف يتملّك علينا والحالُ أنه لا يستحِقُّ التملكُ لوجود من هو أحقُّ منه ولعدم ما يتوقف عليه الملكُ من المال ، وسبب هذا الاستبعادِ أن النبوةَ كانت مخصوصةً بسِبطٍ معينٍ من أسباط بني إسرائيلَ ، وهو سِبطُ لاوي بنِ يعقوبَ عليه السلام والمملكةِ بسبطِ يهوذا ومنه داودُ وسليمانُ عليهما السلام ولم يكن طالوتُ من أحد هذين السِبطين بل من ولد بنيامين قيل : كان راعياً وقيل : دبّاغاً وقيل : سقّاءً . { قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰهُ عَلَيْكُمْ } لمّا استبعدوا تملُّكَه بسقوط نسَبِه وبفقره ردَّ عليهم ذلك أولاً بأن مَلاكَ الأمرِ هو اصطفاءُ الله تعالى وقد اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح منكم ، وثانياً بأن العُمدة فيه وُفورُ العلم ليتمكَّنَ به من معرفة أمورِ السياسةِ ، وجسامةُ البدن ليعظُم خطرُه في القلوب ويقدِرَ على مقاومة الأعداءِ ومكابدةِ الحروب وقد خصه الله تعالى منهما بحظَ وافرٍ وذلك قولُه عز وجل : { وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ } أي العلمِ المتعلِّقِ بالمُلك أو به وبالديانات أيضاً وقيل : قد أوحي إليه ونُبِّىءَ { وَٱلْجِسْمِ } قيل : بطول القامة فإنه كان أطولَ من غيره برأسه ومنكبـيه حتى إن الرجلَ القائم كان يمد يدَه فينال رأسه وقيل : بالجمال وقيل : بالقوة { وَٱللَّهُ يُؤْتِى مُلْكَهُ مَن يَشَاء } لما أنه مالِكُ المُلكِ والملَكوتِ فعّالٌ لما يريد فله أن يؤتِيَه من يشاءُ من عباده { وَٱللَّهُ وٰسِعٌ } يوسِّع على الفقير ويُغنيه { عَلِيمٌ } بمن يليقُ بالملك ممن لا يليق به ، وإظهارُ الاسم الجليلِ لتربـية المهابة .