Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 276-279)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرِّبَوٰاْ } أي يذهب ببركته ويُهلِكُ المالَ الذي يدخُل فيه { وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَـٰتِ } يُضاعفُ ثوابَها ويبارُك فيها ويزيدُ المالَ الذي أُخرجَتْ منه الصدقة . روي عنه صلى الله عليه وسلم : " أن الله يقبلُ الصدقةَ ويُربـيها كما يربّـي أحدُكم مُهرَه " وعنه عليه الصلاة والسلام : " ما نقصَ مالٌ من صدقةٍ قطُّ " { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ } أي لا يرضىٰ لأن الحبَّ مختصٌّ بالتوابـين { كُلَّ كَفَّارٍ } مُصِرَ على تحليل المحرَّمات { أَثِيمٍ } مُنهمِكٍ في ارتكابه { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } بالله ورسوله وبما جاءهم به { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ } تخصيصُهما بالذكر مع اندراجهما في الصالحات لإنافتهما على سائر الأعمالِ الصالحة على طريقة ذكرِ جبريلَ وميكالَ عَقيبَ الملائكةِ عليهم السلام { لَهُمْ أَجْرُهُمْ } جملةٌ من مبتدإٍ وخبرٍ واقعةٌ خبراً لإنَّ أي لهم أجرُهم الموعودُ لهم وقولُه تعالى : { عِندَ رَبّهِمْ } حال من أجرهم ، وفي التعرُّض لعنوان الربوبـية مع الإضافة إلى ضميرهم مزيدُ لطفٍ وتشريفٍ لهم { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } من مكروه آتٍ { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } من محبوبٍ فات . { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي قوا أنفسَكم عقابَه { وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرّبَوٰاْ } أي واترُكوا بقايا ما شرَطْتم منه على الناس تركاً كلياً { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } على الحقيقة فإن ذلك مستلزِمٌ لامتثال ما أُمِرْتم به اْلبتةَ وهو شرطٌ حُذفَ جوابُه ثقةً بما قبله أي إن كنتم مؤمنين فاتقوا وذرُوه الخ ، رُوي أنه كان لثقيفٍ مالٌ على بعض قريشٍ فطالبوهم عند المَحِلّ بالمال والربا فنزلت { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ } أي ما أُمرتم به من الاتقاء وتركِ البقايا إما مع إنكار حُرمتِه وإما مع الاعتراف بها { فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي فاعلَموا بها من أذِن بالشيء إذا علِمَ به ، أما على الأول فكَحربِ المرتدين وأما على الثاني فكحرب البغاة ، وقرىء فآذِنوا أي فأَعْلموا غيرَكم قيل : هو من الأذان وهو الاستماع فإنه من طرُق العلم ، وقرىء فأيقِنوا وهو مؤيِّد لقراءة العامة ، وتنكيرُ حربٍ للتفخيم ، و ( من ) متعلقة بمحذوف وقع صفةً لها مؤكدةً لفخامتها أي بنوعٍ من الحرب عظيمٍ لا يقادَرُ قدرُه كائنٍ من عند الله ورسوله . روي أنه لما نزلت قالت ثقيفٌ : لا يدَ لنا بحرب الله ورسوله { وَإِن تُبتُمْ } من الارتباء مع الإيمان بحرمتها بعدما سمعتموه من الوعيد { فَلَكُمْ رُءوسُ أَمْوٰلِكُمْ } تأخُذونها كَمَلاً { لاَ تَظْلِمُونَ } غُرماءَكم بأخذ الزيادة ، والجملةُ إما مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعراب أو حالٌ من الضمير في لكم والعاملُ ما تضمّنه الجارُّ من الاستقرار { وَلاَ تُظْلَمُونَ } عطفٌ على ما قبله ، أي لا تُظلَمون أنتم من قِبَلهم بالمَطْل والنقص ، ومن ضرورة تعليقِ هذا الحكمِ بتوبتهم عدمُ ثبوتِه عند عدمها ، إن كان مع إنكار الحرمةِ فهم مرتدون ، ومالُهم المكسوبُ في حال الرِّدة فيءً للمسلمين عند أبـي حنيفةَ رضي الله عنه وكذا سائرُ أموالهم عند الشافعيِّ وعندنا هو لورثتهم ، ولا شيءَ لهم على كل حال ، وإن كان مع الاعتراف بها فإن كان لهم شوكةٌ فهم على شرف القتل لم تسلَم لهم رؤوسُهم فكيف برؤوس أموالهم وإلا فكذلك عند ابن عباس رضي الله عنهما فإنه يقول : « مَنْ عاملَ الربا يستتاب وإلا ضُرب عنقُه » وأما عند غيرِه فهم محبوسون إلى أن تظهرَ توبتُهم لا يُمَكّنون من التصرفات أصلاً فما لم يتوبوا لم يسلَمْ لهم شيءٌ من أموالهم بل إنما يسلَم بموتهم لورثتهم .