Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 104-108)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } وهو مدةُ لبثهم { إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً } أي أعدلُهم رأياً أو عملاً { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } ونسبةُ هذا القولِ إلى أمثلهم استرجاحٌ منه تعالى له لكن لا لكونه أقربَ إلى الصدق بل لكونه أدلَّ على شدة الهول . { وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ } أي عن مآل أمرِها وقد سأل عنه رجل من ثقيف ، وقيل : مشركو مكةَ على طريق الاستهزاء { فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّى نَسْفاً } أي يجعلها كالرمل ثم يُرسل عليها الرياحَ فتُفرّقها والفاء للمسارعة إلى إلزام السائلين { فَيَذَرُهَا } الضميرُ إما للجبال باعتبار أجزائِها السافلةِ الباقيةِ بعد النسفِ وهي مقارُّها ومراكزُها ، أي فيذر ما انبسط منها وساوى سطحُه سطوحَ سائرِ أجزاءِ الأرض بعد نسفِ ما نتَأ منها ونشَز ، وإما للأرض المدلول عليها بقرينة الحالِ لأنها الباقيةُ بعد نسفِ الجبال ، وعلى التقديرين يذر الكلَّ { قَاعاً صَفْصَفاً } لأن الجبالَ إذا سُوّيت وجُعل سطحُها مساوياً لسطوح سائر أجزاءِ الأرض فقد جُعل الكلُّ سطحاً واحداً ، والقاعُ قيل : السهلُ ، وقيل : المنكشفُ من الأرض ، وقيل : المستوى الصُّلْبُ منها ، وقيل : ما لا نباتَ فيه ولا بناء ، والصفْصفُ الأرضُ المستويةُ الملساءُ كأن أجزاءَه صفٌّ واحد من كل جهة ، وانتصابُ قاعاً على الحالية من الضمير المنصوبِ أو هو مفعولٌ ثانٍ ليذر على تضمين معنى التصيـيرِ وصفصفاً إما حالٌ ثانية أو بدلٌ من المفعول الثاني وقوله تعالى : { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا } أي في مقارّ الجبال أو في الأرض على ما مر من التفصيل { عِوَجَا } بكسر العين أي اعوجاجاً ما ، كأنه لغاية خفائِه من قبـيل ما في المعاني أي لا تدركه إن تأملْتَ بالمقايـيس الهندسية { وَلا أَمْتاً } أي نتُوءاً يسيراً استئنافٌ مبـينٌ لكيفية ما سبق من القاع الصفْصَف أو حالٌ أخرى أو صفة لقاعاً ، والخطابُ لكل أحدٍ ممن تتأتى منه الرؤيةُ ، وتقديمُ الجارّ والمجرور على المفعول الصريحِ لما مر مراراً من الاهتمام بالمقدم والتشويقِ إلى المؤخر مع ما فيه من طول ربما يُخلُّ تقديمُه بتجاوب أطرافِ النظم الكريم { يَوْمَئِذٍ } أي يومَ إذْ نُسفت الجبالُ على إضافة اليوم إلى وقت النسْفِ وهو ظرفٌ لقوله تعالى : { يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ } وقيل : بدلٌ من يومَ القيامة وليس بذاك أي يتبع الناسُ داعيَ الله عز وجل إلى المحشر وهو إسرافيلُ عليه السلام يدعو الناسَ عند النفخةِ الثانية قائماً على صخرة بـيتِ المقدس ، ويقول : أيتها العِظامُ النخِرةُ والأوصالُ المتفرّقةُ واللحومُ المتمزّقة قومي إلى عَرْض الرحمٰن ، فيُقبلون من كل أَوبٍ إلى صَوْبه { لاَ عِوَجَ لَهُ } لا يعوَجّ له مدعوٌّ ولا يعدِل عنه . { وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ } أي خضعت لهيبته { فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } أي صوتاً خفياً ومنه الهميسُ لصوت أخفافِ الإبل ، وقد فُسر الهمْسُ بخفق أقدامِهم ونقلِها إلى المحشر .