Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 16-17)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا } أي عن ذكر الساعةِ ومراقبتِها ، وقيل : عن تصديقها والأولُ هو الأليقُ بشأن موسى عليه الصلاة والسلام وإن كان النهيُ بطريق التهيـيجِ والإلهاب ، وتقديمُ الجارِّ والمجرور على قوله تعالى : { مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا } لما مر مراراً من الاهتمام بالمقدّم والتشويقِ إلى المؤخّر فإن ما حقُّه التقديمُ إذا أُخّر تبقى النفسُ مستشرِفةً له فيتمكن عند ورودِه لها فضلُ تمكّنٍ ، ولأن في المؤخر نوعَ طولٍ ربما يُخِلُّ تقديمُه بجزالة النظمِ الكريم ، وهذا وإن كان بحسب الظاهر نهياً للكافر عن صد موسى عليه الصلاة والسلام عن الساعة لكنه في الحقيقة نهيٌ له عليه الصلاة والسلام عن الانصداد عنها على أبلغ وجهٍ وآكَدِه ، فإن النهيَ عن أسباب الشيءِ ومباديه المؤديةِ إليه نهيٌ عنه بالطريق البرهاني وإبطالٌ للسببـية من أصلها كما في قوله تعالى : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ } [ المائدة : 2 - 8 ] الخ ، فإن صدَّ الكافر حيث كان سبباً لانصداده عليه الصلاة والسلام كان النهيُ عنه نهياً بأصله وموجِبه وإبطالاً له بالكلية ، ويجوز أن يكون من باب النهي عن المسبَّب وإرادةِ النهي عن السبب على أن يراد نهيُه عليه الصلاة والسلام عن إظهار لينِ الجانبِ للكفرة ، فإن ذلك سببٌ لصدّهم إياه عليه الصلاة والسلام كما في قوله : لا أُرَينّك هٰهنا ، فإن المراد به نهيُ المخاطب عن الحضور لديه الموجبِ لرؤيته { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } أي ما تهواه نفسه من اللذات الحسية الفانية { فَتَرْدَىٰ } أي فتهلِكَ فإن الإغفالَ عنها وعن تحصيل ما ينجِّي عن أهوالها مستتبِعٌ للهلاك لا محالة ، وهو في محل النصبِ على جواب النهي أو في محلّ الرفعِ على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي فأنت ترْدىٰ . { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } شروعٌ في حكاية ما كُلف به عليه الصلاة والسلام من الأمور المتعلقةِ بالخلق إثرَ حكايةِ ما أُمر به من الشؤون الخاصة بنفسه ، فما استفهاميةٌ في حيز الرفعِ بالابتداء وتلك خبرُه أو بالعكس وهو أدخلُ بحسب المعنى وأوفقُ بالجواب ، وبـيمينك متعلقٌ بمضمر وقع حالاً أي وما تلك قارّةً أو مأخوذةً بـيمينك ، والعاملُ معنى الإشارة كما في قوله عز وعلا : { وَهَـٰذَا بَعْلِى شَيْخًا } [ هود : 72 ] وقيل : تلك موصولةٌ أي ما التي هي بـيمينك وأياً ما كان فالاستفهامُ إيقاظٌ وتنبـيهٌ له عليه الصلاة والسلام على ما سيبدو له من التعاجيب ، وتكريرُ النداء لزيادة التأنيسِ والتنبـيه