Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 101-103)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } شروعٌ في بـيان حال المؤمنين إثرَ شرح حالِ الكفرة حسبما جرت به سنةُ التنزيل من شفْع الوعد بالوعيد وإيرادِ الترغيب مع الترهيب ، أي سبقت لهم منا في التقدير الخَصلةُ الحسنى التي هي أحسنُ الخصال وهي السعادةُ ، وقيل : التوفيقُ للطاعة أو سبقت لهم كلمتُنا بالبشرى بالثواب على الطاعة وهو الأدخلُ الأظهرُ في الحمل عليها لما أن الأولَين مع خفائهما ليسا من مقدورات المكلفين ، فالجملةُ مع ما بعدها تفصيلٌ لما أُجمل في قوله تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَـٰتِبُونَ } كما أن ما قبلها من قوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } الخ ، تفصيلٌ لما أُجمل في قوله تعالى : { وَحَرَامٌ } الخ { أُوْلَـٰئِكَ } إشارةٌ إلى الموصول باعتبار اتصافِه بما في حيز الصلة وما فيه من معنى البُعد للإيذان بعلوّ درجتهم وبُعد منزلتِهم في الشرف والفضل ، أي أولئك المنعوتون بما ذكر من النعت الجميل { عَنْهَا } أي عن جهنم { مُبْعَدُونَ } لأنهم في الجنة وشتان بـينها وبـين النار ، وما روي أن علياً رضي الله تعالى عنه خطب يوماً فقرأ هذه الآية ثم قال : أنا منهم وأبو بكر وعمرُ وعثمانُ وطلحةُ والزبـيرُ وسعدٌ وسعيدٌ وعبدُ الرحمٰن بنُ عوف وأبو عبـيدةَ بنُ الجراح رضوانُ الله تعالى عنهم أجمعين ، ثم أقيمت الصلاةُ فقام يجرّ رداءه ويقول : { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا } ليس بنص في كون الموصول عبارةً عن طائفة مخصوصة ، والحسيسُ صوتٌ يُحَسّ به ، أي لا يسمعون صوتَها سمعاً ضعيفاً كما هو المعهودُ عند كون المصوِّت بعيداً وإن كان صوتُه في غاية الشدة ، لا أنهم لا يسمعون صوتَها الخفيَّ في نفسه فقط ، والجملةُ بدلٌ من مبعَدون أو حال من ضميره مَسوقةٌ للمبالغة في إنقاذهم منها وقوله تعالى : { وَهُمْ فِى مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَـٰلِدُونَ } بـيانٌ لفوزهم بالمطالب إثرَ بـيان خلاصِهم من المهالك والمعاطب أي دائمون في غاية التنعمَ ، وتقديمُ الظرف للقصر والاهتمام به . وقوله تعالى : { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } بـيانٌ لنجاتهم من الأفزاع بالكلية بعد بـيان نجاتِهم من النار ، لأنهم إذا لم يُحزُنْهم أكبرُ الأفزاع لا يحزنهم ما عداه بالضرورة ، عن الحسن رضي الله عنه أنه الانصرافُ إلى النار ، وعن الضحاك حتى يطبَقَ على النار ، وقيل : حين يُذبح الموتُ في صورة كبشٍ أملحَ ، وقيل : النفخةُ الأخيرة لقوله تعالى : { فَفَزِعَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } [ النمل : 87 ] وليس بذاك فإن الآمنَ من ذلك الفزع من استثناه الله تعالى بقوله : { إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } لا جميعُ المؤمنين الموصوفين بالأعمال الصالحة ، على أن الأكثرين على أن ذلك في النفخة الأولى دون الأخيرة كما سيأتي في سورة النمل { وَتَتَلَقَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } أي تستقبلهم مهنّئين لهم { هَـٰذَا يَوْمُكُمُ } على إرادة القولِ أي قائلين : هذا اليومُ يومُكم { ٱلَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } في الدنيا وتبشرون بما فيه من فنون المَثوبات على الإيمان والطاعات ، وهذا كما ترى صريحٌ في أن المرادَ بالذين سبقت لهم الحسنى كافةُ المؤمنين الموصوفين بالإيمان والأعمال الصالحةِ لا مَنْ ذكر من المسيح وعُزيرٍ والملائكة عليهم السلام خاصة كما قيل .