Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 80-82)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ } أي عملَ الدِّرْعِ وهو في الأصل اللباسُ قال قائلهم : [ الرجز ] @ إلبَسْ لكل حالة لَبوسَها إما نعيمَها وإما بوسَها @@ وقيل : كانت صفائح فحلقها وسرَدها { لَكُمْ } متعلقٌ بعلّمنا أو بمحذوف هو صفةُ لَبوس { لِتُحْصِنَكُمْ } أي اللبوسُ بتأويل الدرع ، وقرىء بالتذكير على أن الضمير لداودَ عليه السلام أو للّبوس ، وقرىء بنون العظمة وهو بدلُ اشتمال من لكم بإعادة الجارّ مبـينٌ لكيفية الاختصاصِ والمنفعةِ المستفادةِ من لام لكم { مّن بَأْسِكُمْ } قيل : من حرب عدوِّكم ، وقيل : من وقع السلاح فيكم { فَهَلْ أَنتُمْ شَـٰكِرُونَ } أمرٌ واردٌ على صورة الاستفهامِ للمبالغة أو التقريع . { وَلِسُلَيْمَـٰنَ ٱلرّيحَ } أي وسخرنا له الريحَ ، وإيرادُ اللام هٰهنا دون الأول للدِلالة على ما بـين التسخيرين من التفاوت ، فإن تسخيرَ ما سخر له عليه السلام من الريح وغيرِها كان بطريق الانقيادِ الكليِّ له والامتثالِ بأمره ونهيِه والمقهوريةِ تحت ملكوتِه ، وأما تسخيرُ الجبال والطيرِ لداودَ عليه السلام فلم يكن بهذه المثابة بل بطريق التبعيةِ له عليه السلام والاقتداء به في عبادة الله عز وعلا { عَاصِفَةً } حالٌ من الريح والعاملُ فيها الفعلُ المقدرُ ، أي وسخرنا له الريحَ حالَ كونِها شديدةَ الهبوبِ من حيث أنها كانت تبعُد بكرسيه في مدة يسيرة من الزمان كما قال تعالى : { غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } [ سبأ : 12 ] وكانت رُخاءً في نفسها طيبةً ، وقيل : كانت رُخاءً تارة وعاصفةً أخرى حسب إرادتِه عليه الصلاة والسلام ، وقرىء الريحُ بالرفع على الابتداء والخبرُ هو الظرفُ المقدم وعاصفةً حينئذ حال من ضمير المبتدأ في الخبر والعاملُ ما فيه من معنى الاستقرارِ ، وقرىء الرياح نصباً ورفعاً { تَجْرِى بِأَمْرِهِ } بمشيئته حالٌ ثانية أو بدلٌ من الأولى أو حال من ضميرها { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا } وهي الشام رَواحاً بعد ما سار به منه بكرةً ، قال الكلبـي : كان سليمانُ عليه السلام وقومه يركبون عليها من اصطخْرَ إلى الشام وإلى حيث شاء ثم يعود إلى منزله { وَكُنَّا بِكُلّ شَىْء عَـٰلِمِينَ } فنُجريه حسبما تقتضيه الحِكمة . { وَمِنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ } أي وسخرنا له من الشياطين { مَن يَغُوصُونَ لَهُ } في البحار ويستخرجون له من نفائسها ، وقيل : مَنْ رُفع على الابتداء وخبرُه ما قبله والأولُ هو الأظهرُ { وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ } أي غير ما ذكر من بناء المدن والقصورِ واختراعِ الصنائعِ الغريبة لقوله تعالى : { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَـٰرِيبَ وَتَمَـٰثِيلَ } [ سبأ : 13 ] الآية ، وهؤلاء أما الفرقةُ الأولى أو غيرها لعموم كلمة مَنْ ، كأنه قيل : ومَن يعملون وجمعُ الضمير الراجع إليها باعتبار معناها بعد ما رشح جانبُه بقوله تعالى : { وَمِنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ } ، روي أن المسخَّر له عليه السلام كفارُهم لا مؤمنوهم لقوله تعالى : { وَمِنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ } وقوله تعالى : { وَكُنَّا لَهُمْ حَـٰفِظِينَ } أي من أن يزيغوا عن أمره أو يُفسدوا على ما هو مقتضى جِبِلّتهم ، قيل : وكل بهم جمعاً من الملائكة وجمعاً من مؤمني الجن ، وقال الزجاجُ : كان يحفظهم من أن يفسدوا ما عمِلوا وكان دأبُهم أن يفسدوا بالليل ما عمِلوه بالنهار .