Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 88-91)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } أي دعاءَه الذي دعاه في ضمن الاعترافِ بالذنب على ألطف وجهٍ وأحسنه . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مكروبٍ يدعو بهذا الدعاء إلا استُجيب له " { وَنَجَّيْنَـٰهُ مِنَ ٱلْغَمّ } بأن قذفه الحوتُ إلى الساحل بعد أربع ساعاتٍ كان فيها في بطنه ، وقيل : بعد ثلاثة أيام ، وقيل : الغمُّ غمُّ الالتقام ، وقيل : الخطيئة { وَكَذٰلِكَ } أي مثلَ ذلك الإنجاءِ الكامل { نُنجِـى ٱلْمُؤْمِنِينَ } من غمومٍ دَعَوُا الله تعالى فيها بالإخلاص لا إنجاءً أدنى منه ، وفي الإمام نجّى فلذلك أخفى الجماعةُ النون الثانية فإنها تُخفىٰ مع حروف الفم ، وقرىء بتشديد الجيم على أن أصله نُنجّي فحذفت الثانية كما حذفت التاء في تَظاهرون وهي وإن كانت فاءً فحذفُها أوقعُ من حذف حرفِ المضارَعة التي لِمعنًى ، ولا يقدح فيه اختلافُ حركتي النونين فإن الداعيَ إلى الحذف اجتماعُ المِثلين مع تعذّر الإدغام وامتناعُ الحذفِ في ( تتجافى ) لخوف اللَّبس ، وقيل : هو ماضٍ مجهولٌ أسند إلى ضمير المصدر وسُكّن آخره تخفيفاً ورُدّ بأنه لا يسند إلى المصدر والمفعول مذكور ، والماضي لا يسكن آخرُه . { وَزَكَرِيَّا } أي واذكر خبره { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } وقال : { رَبّ لاَ تَذَرْنِى فَرْداً } أي وحيداً بلا ولدٍ يرثني { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوٰرِثِينَ } فحسبـي أنت إن لم ترزُقني وارثاً { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } أي دعاءَه { وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ } وقد مر بـيانُ كيفية الاستجابة والهبة في سورة مريم { وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } أي أصلحناها للولادة بعد عُقْرها أو أصلحناها للمعاشرة بتحسين خلقِها وكانت حَرِدةً ، وقوله تعالى : { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى ٱلْخَيْرٰتِ } تعليل لما فصل من فنون إحسانِه تعالى المتعلقة بالأنبـياء المذكورين ، أي كانوا يبادرون في وجوه الخيراتِ مع ثباتهم واستقرارهم في أصل الخير وهو السرُّ في إيثار كلمة ( في ) على كلمة إلى المُشعرة بخلاف المقصودِ من كونهم خارجين عن أصل الخيراتِ متوجهين إليها كما في قوله تعالى : { وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ } [ آل عمران : 133 ] { وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً } ذوي رغَبٍ ورهَب أو راغبـين في الثواب راجين للإجابة أو في الطاعة وخائفين العقاب أو المعصية أو للرغب والرهب { وَكَانُواْ لَنَا خـٰشِعِينَ } أي مُخْبتين متضرعين أو دائمي الوجَل ، والمعنى أنهم نالوا من الله تعالى ما نالوا بسبب اتصافِهم بهذه الخصال الحميدة . { وَٱلَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي اذكر خبرَ التي أحصنتْه على الإطلاق من الحلال والحرام ، والتعبـيرُ عنها بالموصول لتفخيم شأنِها وتنزيهها عما زعموه في حقها آثرَ ذي أثيرٍ { فَنَفَخْنَا فِيهَا } أي أحيـينا عيسى في جوفها { مِن رُّوحِنَا } من الروح الذي هو من أمرنا ، وقيل : فعلنا النفخَ فيها من جهة روحنا جبريلَ عليه السلام { وَجَعَلْنَـٰهَا وَٱبْنَهَا } أي قصتهما أو حالهما { ءَايَةً لّلْعَـٰلَمِينَ } فإن مَنْ تأمل حالهما تحقق كمالَ قدرتِه عز وجل ، فالمرادُ بالآية ما حصل بهما من الآية التامةِ مع تكاثر آياتِ كلِّ واحد منهما ، وقيل : أريد بالآية الجنسُ الشاملُ لما لكل واحدٍ منهما من الآيات المستقلة ، وقيل : المعنى وجعلناها آيةً وابنها آيةً فحذفت الأولى لدِلالة الثانية عليها .