Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 26-27)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ بَوَّأْنَا } يقال بوَّأهُ منزلاً أي أنزلَه فيه . ولمَّا لزمه جعل الثَّاني مباءةً للأوَّلِ وقيل : { لإِبْرٰهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ } وعليه مَبْنى قولِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهُما جعلناهُ أي اذكر وقتَ جعلنا مكانَ البـيت مباءةً له عليه السَّلامُ أي مرجعاً يرجع إليه للعمارةِ والعبادةِ . وتوجيه الأمرِ بالذِّكرِ إلى الوقت مع أنَّ المقصود تذكيرُ ما وقع فيه من الحوادث قد مرَّ بـيانُه غير مرَّةٍ . وقيل اللاَّمُ زائدةٌ ومكانَ ظرفٌ كما في أصل الاستعمالِ أي أنزلناهُ فيه . قيل رُفع البـيت إلى السَّماءِ أيَّامِ الطُّوفانِ وكان من ياقوتةٍ حمراءَ فأعلم اللَّهُ تعالىٰ إبراهيمَ عليه السَّلامُ مكانَه بريحٍ أرسلها يقال لها الخجوجُ كنستْ ما حولَه فبناه على أُسِّهِ القديمِ . رُوي أنَّ الكعبةَ الكريمة بُنيت خمس مرَّاتٍ إحداها : بناءُ الملائكةِ وكانت من ياقوتةٍ حمراءَ ثمَّ رُفعت أيَّام الطُّوفانِ ، والثَّانيةُ : بناءُ إبراهيمَ عليه السلام ، والثَّالثة : بناءُ قُريشٍ في الجاهليةِ وقد حضر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذا البناءَ ، والرَّابعةُ : بناءُ ابن الزُّبـيرِ ، والخامسةُ : بناءُ الحجَّاجِ . وقد أوردنا ما في هذا الشَّأنِ من الأقاويل في تفسير قوله تعالى : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ } [ البقرة : 127 ] وأنَّ في قوله تعالى : { أَن لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً } مفسِّرةٌ لبوَّأنا من حيث إنَّه متضمِّنٌ لمعنى تعبدنا لأنَّ التَّبوئة للعبادة أو مصدريَّةٌ موصولة بالنَّهي ، وقد مرَّ تحقيقُه في أوائل سُورة هود . أي فعلنا ذلك لئلاَّ تشركَ بـي في العبادة شيئاً { وَطَهّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْقَائِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } أي وطهِّرْ بـيتي من الأوثانِ والأقذارِ لمن يطوفُ به ويصلِّي فيه ولعلَّ التَّعبـيرَ عن الصَّلاةِ بأركانِها للدِّلالةِ على أنَّ كلَّ واحدٍ منها مستقلٌّ باقتضاء ذلك فكيف وقد اجتمعتْ . وقرىء يُشرك بالياء . { وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ } أي نادِ فيهم . وقُرىء آذِن { بِٱلْحَجّ } بدعوة الحجِّ ، والأمر به . رُوي أنَّه عليه السلام صعد أبا قُبـيسٍ فقال : يا أيُّها النَّاسُ حجُّوا بـيت ربِّكم فأسمعه اللَّهُ تعالىٰ من في أصلاب الرِّجالِ وأرحام النِّساءِ فيما بـين المشرقِ والمغربِ ممَّن سبق في علمه تعالى أنْ يحجَّ . وقيل الخطابُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، أُمر بذلك في حجَّةِ الوداع ويأباهُ كونُ السُّورةِ مكِّيةً { يَأْتُوكَ } جوابٌ للأمر { رِجَالاً } أي مُشاةً جمع راجلٍ كقيامٍ جمع قائمٍ . وقُرىء بضمِّ الرَّاءِ وتخفيفِ الجيمِ وتشديدِه ، ورَجَالىٰ كعَجَالىٰ { وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ } عطفٌ على رِجالاً أي رُكباناً على كلِّ بغيرٍ مهزولٍ أتعبه بعدُ الشُّقِّةِ فهزله أو زادَ هزالُه . { يَأْتِينَ } صفةٌ لضامرٍ محمولة على المعنى . وقُرىء يأتُون على أنَّه صفةٌ للرِّجالِ والرُّكبانِ أو استئنافٌ فيكون الضَّميرُ للنَّاسِ { مِن كُلّ فَجّ } طريقٍ واسع { عَميِقٍ } بعيد . وقُرىء مُعيقٍ يقال بئرٌ بعيدة العُمقِ وبعيدةُ المُعقِ بمعنى ، كالجَذْبِ والجَبْذِ .