Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 35-37)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } منه تعالى لإشراق أشعةِ جلاله عليها { وَٱلصَّـٰبِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ } من مشاقِّ التَّكاليفِ ومُؤناتِ النَّوائبِ . { وَٱلْمُقِيمِى ٱلصَّلَوٰةِ } في أوقاتها . وقُرىء بنصب الصَّلاةِ على تقدير النُّونِ . وقُرىء والمقيمينَ الصَّلاةَ على الأصلِ . { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } في وجوه الخيراتِ . { وَٱلْبُدْنَ } بضمِّ الباءِ وسكون الدَّالِ . وقُرىء بضمِّها . وهُما جَمْعا بَدَنةٍ ، وقيل الأصلُ ضمُّ الدَّالِ كخُشُبٍ وخَشَبةٍ والتَّسكينُ تخفيفٌ منه . وقُرىء بتشديدِ النُّونِ على لفظِ الوقفِ . وإنَّما سُمِّيتْ بها الإبلُ لعظمِ بَدَنِها ، مأخوذةٌ من بَدُنَ بَدَانةً وحيثُ شاركها البقرةُ في الإجزاءِ عن سبعةٍ بقوله صلى الله عليه وسلم : " البُدْنةُ عن سبعةٍ والبقرةُ عن سبعةٍ " جُعلا في الشَّريعةِ جنساً واحداً . وانتصابُه بمضمرٍ يفسِّرهُ : { جَعَلْنَـٰهَا لَكُمْ } وقُرىء بالرَّفعِ على أنَّه مبتدأٌ والجملةُ خبرُهُ . وقولُه تعالى : { مِن شَعَائِرِ ٱللَّهِ } أي من أعلامِ دينهِ التي شرعها اللَّهُ تعالى . مفعولٌ ثانٍ للجعل . ولكُم ظرفُ لغوٍ متعلِّقٌ به . وقولُه تعالى : { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } أي منافعُ دينيَّةٌ ودنيويَّةٌ . جملة مستأنفةٌ مقرِّرةٌ لما قبلها . { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } بأنْ تقولُوا عند ذبحِها اللَّهُ أكبرُ لا إلٰهَ إلاَّ اللَّهُ واللَّهُ أكبرُ اللهمَّ منكَ وإليكَ { صَوَافَّ } أي قائماتٍ قد صففنَ أيديهنَّ وأرجلهنَّ . وقُرىء صَوَافنَ من صَفن الفرسُ إذا قام على ثلاثٍ وعلى طرفِ سُنْبكِ الرَّابعةِ لأنَّ البدنةَ تُعقل إحدىٰ يديها فتقومُ على ثلاثٍ . وقُرىء صَوَافِنا بإبدالِ التَّنوينِ من حرفِ الإطلاقِ عند الوقفِ . وقُرىء صَوَافى أي خَوَالصَ لوجهِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ . وصَوَافْ على لغة مَن يُسكِّنُ الياءَ على الإطلاق كما في قوله @ لعلِّي أَرىٰ باقْ على الحدئانِ @@ { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } سقطتْ على الأرضِ وهو كنايةٌ عن الموت { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ } الرَّاضيَ بما عنده من غير مسألةٍ ، ويؤيِّدهُ أنَّه قُرىء القنع . أو السَّائلَ من قَنع إليه قُنوعاً إذا خضعَ له في السُّؤالِ { وَٱلْمُعْتَرَّ } أي المتعرِّضَ للسُّؤالِ . وقُرىء المُعتري يقال عَرّهُ وعَرَاهُ واعترَّهُ واعتراهُ { كَذٰلِكَ } مثلَ ذلك التَّسخيرِ البديعِ المفهوم من قوله تعالى : { سَخَّرْنَـٰهَا لَكُمْ } مع كمالِ عظمِها ونهايةِ قوَّتِها فلا تستعصي عليكم حتَّى تأخذوها منقادةً فتعقِلونها وتحبسونها صافَّة قوائمها ثم تطعنونَ في لبَّاتِها { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } لتشكرُوا إنعامَنا عليكم بالتَّقرُّب والإخلاصِ . { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ } أي لن يبلغَ مرضاتَهُ ولن يقعَ منه موقعَ القَبُولِ { لُحُومُهَا } المُتصدَّقُ بها { وَلاَ دِمَاؤُهَا } المُهَراقةُ بالنَّحر من حيثُ إنَّها لحومٌ ودماءٌ { وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ } ولكن يُصيبه تقوى قلوبِكم التي تدعُوكم إلى الامتثال بأمره تعالى وتعظيمه والتَّقرُّبِ إليه والإخلاصِ له . وقيل كانَ أهلُ الجاهليةِ يُلطِّخون الكعبةَ بدماءِ قَرَابـينهم فهمَّ به المُسلمون فنزلتْ : { كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ } تكرير للتَّذكير والتَّعليلِ بقوله تعالى : { لِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ } أي لتعرفُوا عظمتَه باقتداره على ما لا يقدرُ عليه غيرُه فتوحِّدُوه بالكبرياءِ ، وقيل هو التَّكبـيرُ عند الإحلالِ أو الذَّبحِ . { عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } أي أرشدَكُم إلى طريق تسخيرِها وكيفيَّة التَّقرُّبِ بها . وما مصدريةٌ أو موصولةٌ أي على هدايتِه إيَّاكم أو على ما هَدَاكُم إليه . وعلى متعلِّقةٌ بتكبِّروا لتضمُّنهِ معنى الشُّكرِ . { وَبَشّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي المُخلصين في كلِّ ما يأتُون وما يذرُون في أمورِ دينهم .