Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 29-32)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِى } في السَّفينةِ أو منها { مُنزَلاً مُّبَارَكاً } أيْ إنزالاً أو موضعَ إنزالٍ يستتبعُ خيراً كثيراً . وقُرىء مَنْزلاً أي موضعَ نزولٍ { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } أُمر عليه السَّلامُ بأنْ يشفع دعاءه بما يُطابقه من ثنائه عزَّ وجلَّ توسُّلاً به إلى الإجابةِ . وإفرادُه عليه السَّلامُ بالأمر مع شركة الكلِّ في الاستواءِ والنَّجاةِ لإظهار فضله عليه السَّلامُ والإشعارِ بأنَّ في دُعائه وثنائِه مندوحةً عمَّا عداهُ . { إِنَّ فِى ذَلِكَ } الذي ذُكر ممَّا فُعل له عليه السَّلامُ وبقومِه { لاَيَاتٍ } جليلةً يستدلُّ بها أُولو الأبصارِ ويعتبر بها ذَوُو الاعتبار { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } إنْ مخفَّفةٌ من أنَّ واللامُ فارقةٌ بـينها وبـين النَّافيةِ . وضميرُ الشَّأنِ محذوفٌ أي وإنَّ الشَّأنَ كُنَّا مصيبـين قومَ نوحٍ ببلاء عظيم وعقاب شديد أو مختبرين بهذه الآياتِ عبادَنا لننظر مَن يعتبرُ ويتذكَّر ، كقولِه تعالى : { وَلَقَدْ تَّرَكْنَـٰهَا ءايَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [ القمر : 15 ] { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ } أي من إهلاكِهم { قَرْنٍ ءَاخَرِينَ } هم عادٌ حسبما رُوي عن ابن عبِّاسٍ رضي الله عنهما وعليه أكثرُ المُفسِّرين وهو الأوفقُ لما هو المعهودُ في سائرِ السُّورِ الكريمةِ من إيراد قصَّتهم إثرَ قصَّةِ قومِ نوحٍ . وقيل : هم ثمودُ { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ } جُعلُوا موضعاً للإرسال كما في قوله تعالى : { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِى أُمَّةٍ } [ الرعد : 30 ] ونحوه لا غايةً له كما في مثل قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ } [ العنكبوت : 14 ] للإيذانِ من أوَّلِ الأمر بأنَّ مَن أُرسل إليهم لم يأتِهم من غير مكانِهم بل إنَّما نشأَ فيما بـين أظهرِهم كما ينبىءُ عنه قولُه تعالى : { رَسُولاً مّنْهُمْ } أي من جُملتهم نسباً فإنَّهما عليهما السَّلامُ كانا منهم . وأنْ في قولِه تعالى : { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } مفسِّرةٌ لأرسلنا لتضمُّنِه معنى القولِ أي قُلنا لهم على لسانِ الرَّسولِ : اعبدُوا الله تعالى . وقولُه تعالى : { مَا لَكُم مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } تعليلٌ للعبادة المأمور بها أو للأمرِ بها أو لوجوب الامتثال به { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي عذابَه الذي يستدعيه ما أنتُم عليه من الشِّركِ والمعاصي . والكلامُ في العطفِ كالذي مرَّ في قصَّةِ نوحٍ عليه السَّلامُ .