Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 36-41)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } تكريرٌ لتأكيد البُعدِ أي بُعدِ الوقوع أو الصِّحةِ . { لِمَا تُوعَدُونَ } وقيل : اللامُ لبـيان المستبعَدِ ما هو كما في { هَيْتَ لَكَ } [ يوسف : 23 ] كأنَّهم لما صوَّتوا بكلمةِ الاستبعادِ قيل : لِمَ هذا الاستبعادُ ؟ فقيل : لما تُوعدون . وقيل : هيهاتَ بمعنى البُعدِ وهو مبتدأٌ خبرُه لما تُوعدون . وقُرىء بالفتحِ مُنوَّناً للتَّنكيرِ ، وبالضَّمِّ منوَّناً على أنَّه جمعُ هَيْهةٍ ، وغيرَ منوَّن تشبـيهاً بقبلُ ، وبالكسرِ على الوجهينِ ، وبالسُّكون على لفظِ الوقفِ ، وإبدالِ التَّاء هاءً . { إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } أصله إنْ الحياةُ إلاَّ حياتُنا . فأُقيم الضَّميرُ مُقامَ الأُولى لدلالة الثَّانيةِ عليها حَذَراً من التَّكرارِ ، وإشعاراً بإغنائِها عن التَّصريحِ كما في : هي النَّفسُ تتحملُ ما حُمِّلتْ . وهي العربُ تقول ما شاءتْ وحيثُ كان الضَّميرُ بمعنى الحياةِ للدلالة على الجنسِ كانتْ إنِ النَّافيةُ بمنزلةِ لا النَّافيةِ للجنسِ . وقولُه تعالى : { نَمُوتُ وَنَحْيَا } جملةٌ مفسِّرةٌ لما ادَّعوه مِن أنَّ الحياةَ هي الدُّنيا أي يموتُ بعضُنا أو يُولد بعضٌ إلى انقراضِ العصرِ { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } بعد الموتِ . { إِنْ هُوَ } أي ما هُو { إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً } فيما يدَّعيه من إرسالِه وفيما يَعدُنا من أنَّ الله يبعثُنا { وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } بمصدِّقين فيما يقولُه . { قَالَ } أي هودُ عليه السَّلامُ عند يأسِه من إيمانهم بعد ما سلكَ في دعوتِهم كلَّ مسلكٍ منصرفاً إلى الله عَزَّ وجَلَّ { رَبّ ٱنصُرْنِى } وانتقم لي منهم { بِمَا كَذَّبُونِ } أي بسببِ تكذيبهم إيَّاي وإصرارِهم عليه . { قَالَ } تعالى إجابةً لدعائِه وعدةً بالقَبُول { عَمَّا قَلِيلٍ } أي عن زمانٍ قليلٍ وما مزيدةٌ بـين الجارِّ والمجرورِ لتأكيدِ معنى القلَّةِ كما زِيدتْ في قوله تعالى : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 159 ] أو نكرةٌ موصوفةٌ أي عن شيءٍ قليلٍ { لَّيُصْبِحُنَّ نَـٰدِمِينَ } على ما فعلوه من التَّكذيب وذلك عند معاينتِهم للعذابِ . { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } لعلَّهم حين أصابتهم الرِّيحُ العقيمُ أُصيبوا في تضاعيفها بصيحةٍ هائلةٍ أيضاً . وقد رُوي أنَّ شدَّادَ بنَ عادٍ حين تمَّ بناءُ إرمَ سار إليها بأهلِه فلمَّا دنا منها بعثَ الله عليهم صيحةً من السَّماءِ فهلكُوا . وقيل : الصَّيحةُ نفسُ العذابِ والموتِ . وقيل : هي العذابُ المصطَلِمُ قال قائلُهم : @ صاحَ الزَّمانُ بآلِ بَرمكَ صيحة خَرُّوا لشدَّتِها عَلَى الأذقانِ @@ { بِٱلْحَقّ } متعلِّقٌ بالأخذ أي بالأمر الثَّابتِ الذي لا دفاعَ له أو بالعدل من الله تعالى أو بالوعد الصِّدقِ { فَجَعَلْنَـٰهُمْ غُثَاء } أي كغُثاءِ السَّيلِ وهو حَميلُه { فَبُعْداً لّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } إخبار أو دعاء وبُعداً من المصادر التي لا يكادُ يُستعمل ناصبُها . والمعنى بعدُوا بُعداً ، أي هلكُوا . واللامُ لبـيانِ مَن قيلَ له : بُعداً ووضعُ الظَّاهر موضعَ الضَّميرِ للتَّعليلِ .