Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 8-12)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ هُمْ لأمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ } لما يُؤتمنون عليه ويُعاهدون من جهة الحقِّ أو الخلقِ { رٰعُونَ } أي قائمون عليها حافظون لها على وجه الإصلاحِ . وقُرىء لأمانتِهم . { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوٰتِهِمْ } المفروضةِ عليهم { يُحَافِظُونَ } يُواظبون عليها ويُؤدُّونها في أوقاتها . ولفظُ الفعلِ فيه لما في الصَّلاةِ من التَّجدُّدِ والتَّكرُّر وهو السرُّ في جمعها وليس فيه تكريرٌ لما أنَّ الخشوعَ في الصَّلاة غيرُ المحافظةِ عليها . وفصلُهما للإيذانِ بأنَّ كلاًّ منهما فضيلةٌ مستقلَّةٌ على حيالِها ولو قُرنا في الذِّكرِ لربَّما توهِّم أنَّ مجموعَ الخشوعِ والمحافظةِ فضيلةٌ واحدةٌ . { أُوْلَـٰئِكَ } إشارةٌ إلى المؤمنين باعتبار اتِّصافِهم بما ذُكر من الصِّفاتِ . وإيثارُها على الإضمار للإشعار بامتيازهم بها عن غيرهم ونزولهم منزلة المُشار إليه حِسًّا ، وما فيه من معنى البُعدِ للإيذانِ بعلوِّ طبقتهم وبُعدِ درجتهم في الفضل والشَّرفِ أي أولئك المنعوتُون بالنُّعوت الجليلة المذكورةِ { هُمُ ٱلْوٰرِثُونَ } أي الأحِقَّاءُ بأنْ يُسمَّوا ورَّاثاً دون مَن عداهم ممَّن ورِثَ رغائب الأموال والذَّخائرِ وكرائمهما . { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ } بـيانٌ لما يرثونَه وتقيـيدٌ للوراثة بعد إطلاقها وتفسيرٌ لها بعد إبهامِها تفخيماً لشأنها ورفعها لمحلِّها وهي استعارةٌ لاستحقاقهم الفِردوسَ بأعمالهم حسبما يقتضيه الوعدُ الكريمُ للمبالغة فيه . وقيل إنَّهم يرثون من الكفَّارِ منازلهم فيها حيث فوَّتُوها على أنفسِهم لأنَّه تعالى خلقَ لكلِّ إنسان منزلاً في الجنَّةِ ومنزلاً في النَّارِ . { هُمْ فِيهَا } أي في الفردوسِ . والتَّأنيثُ لأنَّه اسمٌ للجنَّةِ أو لطبقتهم العُليا وهو البستان الجامعُ لأصناف الثَّمرِ . رُوي أنَّه تعالى بَنَى جنَّة الفِردوسِ لبنةً من ذهبٍ ولَبنةً من فضَّةٍ وجعلَ خلالَها المسكَ الأذفرَ ، وفي روايةٍ ولبنةً من مسكٍ مذريَ وغرسَ فيها من جيِّدِ الفاكهةِ وجيِّدِ الرَّيحانِ . { خَـٰلِدُونَ } لا يخرجُون منها أبداً والجملة إمَّا مستأنفةٌ مقرِّرةٌ لما قبلها وإمَّا حالٌ مقدَّرةٌ من فاعل يرثون أو مفعولهِ إذ فيها ذِكرُ كلَ منهما . ومعنى الكلامِ لا يموتُون ولا يخرجون منها . { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } شروعٌ في بـيان مبدأ خلقِ الإنسانِ وتقلُّبهِ في أطوارِ الخلقةِ وأدوارِ الفطرةِ بـياناً إجماليًّا إثرَ بـيانِ حال بعضِ أفرادِه السُّعداءِ . واللاَّمُ جوابُ قسمٍ والواوُ ابتدائيَّةٌ . وقيل عاطفةٌ على ما قبلَها ، والمرادُ بالإنسان الجنسُ أي وبالله لقد خلقنا جنسَ الإنسان في ضِمن خلقِ آدمَ عليه السَّلامُ خَلْقاً إجماليًّا حسبما تحقَّقته في سورة الحجِّ وغيرِها . وأمَّا كونُه مخلوقاً من سلالاتٍ جُعلتْ نُطَفاً بعد أدوارٍ وأطوارٍ فبعيدٌ { مِن سُلَـٰلَةٍ } السُّلالةُ ما سُلَّ من الشَّيء واستُخرجَ منه . فإن فُعالة اسمٌ لما يحصُل من الفعلِ فتارةً تكون مقصوداً منه كالخُلاصةِ وأُخرى غيرَ مقصودٍ منه كالقُلامةِ والكُناسةِ والسُّلالةُ من قبـيلِ الأوَّلِ ، فإنَّها مقصودةٌ بالسَّلِّ . ومن ابتدائيةٌ متعلِّقةٌ بالخلقِ . ومن في قوله تعالى : { مِن طِينٍ } بـيانيَّةٌ متعلِّقةٌ بمحذوف وقع صفةً لسُلالة أي خلقناهُ من سُلالةٍ كائنةٍ من طينٍ . ويجوزُ أنْ تتعلَّق بسُلالة على أنَّها بمعنى مسلولةٍ فهي ابتدائيةٌ كالأُولى . وقيل المرادُ بالإنسانِ آدمُ عليه السَّلامُ فإنَّه الذي خُلق من صفوةٍ سُلَّتْ من الطِّينِ وقد وقفت على التَّحقيق .