Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 18-18)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِى ٱلنَّمْلِ } حتَّى هي التي يُـبتدأُ بها الكلامُ ومع ذلك هي غايةٌ لما قبلها كالتي في قولِه تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ } [ سورة هود : الآية 40 ] الآيةَ وهي ههنا غايةٌ لما يُنبىء عنه قولُه تعالى فهُم يُوزعونَ من السير كأنَّه قيلَ : فسارُوا حتَّى إذا أتَوا الخ ووادي النَّمل وادٍ بالشامِ كثيرُ النَّمل على ما قالَه مقاتلٌ رضي الله عنه ، وبالطَّائفِ على ما قالَه كعبٌ رضي الله عنه ، وقيلَ هو وادٍ تسكنُه الجنُّ والنملُ مراكبُهم . وتعديةُ الفعلِ إليه بكلمةِ عَلى إمَّا لأنَّ إتيانَهم كان من فوق ، وإمَّا لأنَّ المرادَ بالإتيانِ عليه قطعُه ، من قولِهم أتَى على الشيءِ إذا أنفَدَه وبلغَ آخرَهُ ، ولعلَّهم أرادُوا أنْ ينزلُوا عند مُنتهى الوادي إذْ حينئذٍ يخافُهم ما في الأرضِ لا عند سيرِهم في الهواءِ . وقولُه تعالى { قَالَتْ نَمْلَةٌ } جوابُ إذا كأنَّها لما رأتهُم متوجهينَ إلى الوادي فرَّتْ منهم فصاحتْ صيحةً تنبهتْ بها ما بحضرتِها من النملِ لمرادِها فتبعها في الفرارِ فُشبِّه ذلك بمخاطبةِ العُقلاءِ ومناصحتِهم فأُجروا مُجراهم ، جُعلتْ هي قائلةً وما عداها من النملِ مقولٌ لهم حيثُ قيل : { يأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ } مع أنَّه لا يمتنعُ أنْ يخلقَ الله تعالى فيها النُّطقَ وفيما عداها العقلَ والفهمَ . وقُرىء نَمُلة يا أيُّها النَّمُل بضمِّ الميمِ ، وهو الأصلُ كالرجُل ، وتسكينُ الميمِ تخفيفٌ منه كالسَّبْعِ في السبُع . وقُرىء بضمِّ النونِ والميمِ . قيل : كانتْ نملةً عرجاءَ تمشي وهي تتكاوسُ فنادتْ بما قالتْ فسمعَ سليمانُ عليه السَّلام كلامَها من ثلاثةِ أميالٍ وقيل : كان اسمُها طاخيةً . وقُرىء مسكنَكم . وقولُه تعالى : { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ } نهيٌ في الحقيقيةِ للنَّملِ عن التأخرِ في دخولِ مساكنِهم وإنْ كانَ بحسبِ الظَّاهر نهياً له عليه الصَّلاة والسَّلام ولجنودِه عن الحطْمِ كقولِهم : لا أرينَّك هَهُنا . فهُو استئنافٌ أو بدلٌ من الأمرِ ، كقولِ مَنْ قالَ @ فقلتُ له ارحلْ لا تُقيمنّ عندنا @@ لا جوابَ له فإنَّ النُّون لا تدخلُه في السَّعة . وقُرىء لا يَحَطَمنكم بفتحِ الحاءِ وكسرِها ، وأصلُه لا يحتطمنَّكم . وقولُه تعالى : { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } حالٌ من فاعلِ يحطمنَّكم مفيدةٌ لتقيـيدِ الحطمِ بحالِ عدمِ شعورِهم بمكانِهم حتَّى لو شعروا بذلك لم يحطَّمُوا ، وأرادتْ بذلكَ الإيذانَ بأنَّها عارفةٌ بشؤونِ سليمانَ وسائرِ الأنبـياءِ عليهم الصَّلاة والسَّلام من عصمتِهم عن الظُّلم والإيذاءِ ، وقيل : هو استئنافٌ أي فهمَ سليمانُ ما قالتْهُ والقومُ لا يشعرونَ بذلكَ .