Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 2-5)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } في حيزِ النصبِ على الحاليةِ من الآياتِ على أنَّهما مصدرانِ أُقيما مُقامَ الفاعلِ للمبالغةِ كأنَّهما نفسُ الهُدَى والبشارةِ ، والعاملُ معنى الإشارة أي هاديةً ومبشِّرةً أ الرَّفعُ على أنَّهما بدلانِ من الآياتِ أو خبرانِ آخرانِ لتلك أو لمبتدأٍ محذوفٍ . ومعنى هدايتها لهم وهمُ مهتدون أنَّها تزيدُهم هُدى . قالَ تعالى : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ سورة التوبة : الآية 124 ] وأمَّا معنى تبشيرِها إيَّاهُم فظاهرٌ لأنَّها تبشِّرهم برحمةٍ من الله ورضوان وجنَّاتٍ لهم فيها نعيمٌ مقيمٌ . وقولُه تعالى : { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } صفةٌ مادحةٌ لهم وتخصيصُهما بالذكرِ لأنَّهما قرينَتا الإيمانِ وقُطرا العباداتِ البدنيَّةِ والماليَّةِ مستتبعانِ لسائرِ الأعمالِ الصَّالحةِ . وقولُه تعالى : { وَهُم بِٱلأَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } جملةٌ اعتراضيةٌ كأنَّه قيلَ وهؤلاء الذينَ يُؤمنون ويعملُون الصَّالحاتِ هم الموقنون بالآخرة حقَّ الإيقانِ لا مَن عداهُم لأنَّ تحمُّلَ مشاقِّ العباداتِ لخوفِ العقابِ ورجاءِ الثَّوابِ أو هُو مِن تتمةِ الصِّلةِ . والواوُ حالَّيةٌ أو عاطفةٌ له على الصِّلةِ الأُولى وتغيـيرُ نظمِه للدِّلالةَ على قوَّةِ يقينهم وثباتِه وأنَّهم أوحديُّون فيه . { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ } بـيانٌ لأحوالِ الكَفَرة بعدَ بـيانِ أحوالِ المُؤمنينَ أي لا يُؤمنون بها وبما فيها من الثَّوابِ على الأعمالِ الصَّالحةِ والعقابِ على السَّيِّئاتِ حسبما ينطقُ به القرآنُ { زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ } القبـيحةَ حيثُ جعلناها مشتهاةً للطَّبعِ محبوبةً للنَّفسِ كما يُنبـيءُ عنه قولُه عليه الصَّلاة والسَّلام : " حُفَّتِ النَّارُ بالشَّهواتِ " أو الأعمالَ الحسنةَ ببـيانِ حُسنها في أنفسِها حالاً واستتباعِها لفنونِ المنافعِ مآلاً . وإضافتُها إليها باعتبارِ أمرِهم بها وإيجابِها عليهم { فَهُمْ يَعْمَهُونَ } يتحيرون ويتردَّدون على التَّجددِ والاستمرارِ في الاشتغالِ بها والانهماكِ فيها من غيرِ ملاحظةٍ لما يتبعها من نفع وضرَ أو في الضَّلالِ والإعراض عنها . والفاء على الأول لترتيبِ المسبَّبِ على السَّببِ وعلى الثَّاني لترتيبِ ضدِّ المُسبَّبِ على السَّببِ كما في قولك وعظتُه فلم يتَّعظ وفيه إيذانٌ بكمالِ عتوِّهم ومكابرتِهم وتعكيسهم في الأمور { أُوْلَـٰئِكَ } إشارةٌ إلى المذكورينَ وهو مبتدأ خبره الموصولُ بعده أي أولئك الموصُوفون بالكُفر والعمهِ { ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوء ٱلْعَذَابِ } أي في الدَّنيا كالقتلِ والأسرِ يومَ بدرٍ { وَهُمْ فِى ٱلأَخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } أي أشدُّ النَّاس خُسراناً لفواتِ الثَّوابِ واستحقاقِ العقابِ .