Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 50-54)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ } أي فإنْ لم يفعلُوا ما كلَّفتهم من الإتيانِ بكتابٍ أهدى منهما كقولِه تعالى : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ } [ سورة البقرة : الآية 24 ] وإنَّما عبَّر عنه بالاستجابةِ إيذاناً بأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام على كمالِ أمنٍ من أمرِه كأنَّ أمرَه عليه الصَّلاة والسَّلام لهم بالإتيانِ بما ذُكر دعاءٌ لهم إلى أمرٍ يريدُ وقوعَه . والاستجابةُ تتعدَّى إلى الدُّعاءِ بنفسِه وإلى الدَّاعِي باللامِ فيحذف الدُّعاء عندَ ذلكَ غالباً ، ولا يكادُ يقال : استجابَ الله له دعاءَه { فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ } الزَّائغةَ من غيرِ أنْ يكونَ لهم متمسَّكٌ ما أصلاً إذ لو كان لهم ذلكَ لأَتَوا به { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ } استفهامٌ إنكاريٌّ للنَّفيِ أيْ لا أضلَّ ممَّن اتَّبع هواهُ { بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ } أي هو أضلُّ من كلِّ ضالَ وإنْ كانَ ظاهرُ السَّبكِ لنفيِ الأصلِ لا لنفيِ المُساوي كما هُو في نظائرِه مراراً . وتقيـيدُ اتِّباعِ الهَوَى بعدمِ الهُدى من الله تعالى لزيادةِ التَّقريعِ والإشباعِ في التَّشنيعِ والتَّضليلِ وإلا فمقارنتُه لهدايتِه تعالى بـينةُ الاستحالةِ { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } الذين ظلمُوا أنفسَهم بالانهماكِ في اتباعِ الهَوَى والإعراضِ عن الآياتِ الهاديةِ إلى الحقِّ المُبـينِ . { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ } وقُرىء بالتَّخفيف أي أنزلنا القرآنَ عليهم متواصلاً بعضَه إثرَ بعضٍ حسبما تقتضيه الحكمةُ والمصلحةُ أو متتابعاً وعداً ووعيداً قصصاً وعبراً ومواعظَ ونصائحَ { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } فيؤمنون بما فيه { ٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِهِ } أي من قبلِ إيتاءِ القُرآنِ { هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } وهم مُؤمنو أهلِ الكتابِ وقيل : أربعون من أهلِ الإنجيلِ اثنانِ وثلاثون جاءوا مع جعفرٍ من الحبشةِ وثمانيةٌ من الشامِ { وَإِذَا يُتْلَىٰ } أي القرآنُ { عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءامَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّنَا } أي الحقُّ الذي كنَّا نعرفُ حقِّيتِه وهو استنئافٌ لبـيانِ ما أوجب إيمانَهم . وقوله تعالى : { إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ } أي مِن قبلِ نزولِه { مُسْلِمِينَ } بـيانٌ لكونِ إيمانِهم به أمراً متقادمَ العهدِ لما شاهدوا ذكرَه في الكتبِ المتقدمةِ وأنَّهم على دينِ الإسلام قبل نزولِ القرآنِ { أُوْلَـٰئِكَ } الموصوفون بما ذُكر من المنعوتِ { يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ } مرةً على إيمانِهم بكتابِهم ومرةً على إيمانِهم بالقرآنِ { بِمَا صَبَرُواْ } بصبرِهم وثباتِهم على الإيمانينِ أو على الإيمان بالقرآنِ قبل النزول وبعده أو على أذى من هاجرَهم من أهلِ دينِهم ومن المشركين { وَيَدْرَءونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيّئَةَ } أي يدفعونَ بالطَّاعةِ المعصيةَ لقولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ : " وأتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها " { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } في سبـيلِ الخيرِ .