Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 116-117)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي بما يجب أن يؤمَن به . قال ابن عباس رضي الله عنهما : هم بنو قُريظةَ والنضير فإن معاندتَهم كانت لأجل المالِ ، وقيل : هم مشركو قريشٍ فإن أبا جهلٍ كان كثيرَ الافتخار بماله ، وقيل : أبو سفيان وأصحابُه فإنه أنفق مالاً كثيراً على الكفار يومَ بدرٍ وأحُد ، وقيل : هم الكفارُ كافةً فإنهم فاخروا بالأموال والأولادِ حيث قالوا : نحن أكثرُ أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذّبـين ، فردَّ الله عز وجل عليهم وقال : { لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ } أي لن تدفَع عنهم { أَمْوٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلـٰدُهُم مّنَ ٱللَّهِ } أي من عذابه تعالى { شَيْئاً } أي شيئاً يسيراً منه أو شيئاً من الإغناء { وَأُوْلـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ } أي مصاحبوها على الدوام وملازموها { هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } أبداً . { مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِى هِـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } بـيانٌ لكيفية عدمِ إغناءِ أموالِهم التي كانوا يعوِّلون عليها في جلب المنافعِ ودفعِ المضارِّ ويعلِّقون بها أطماعَهم الفارغةَ ، و { مَا } موصولةٌ اسميةٌ حُذف عائدُها أي حالُ ما ينفقه الكفرةُ قربةً أو مفاخرةً وسُمعةً أو المنافقون رياءً وخوفاً وقصتُه العجيبةُ التي تجري مَجرىٰ المثل في الغرابة { كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ } أي بردٌ شديدٌ فإنه في الأصل مصدرٌ وإن شاع إطلاقُه على الريح الباردةِ كالصَّرْصَر ، وقيل : كلمة في تجريدية كما في قوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [ الأحزاب ، الآية 21 ] { أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } بالكفر والمعاصي فباءوا بغضب من الله ، وإنما وُصفوا بذلك لأن الإهلاكَ عن سَخَط أشدُّ وأفظع { فَأَهْلَكَتْهُ } عقوبةً لهم ولم تدَعْ منه أثراً ولا عِثْيَراً والمرادُ تشبـيهُ ما أنفقوا في ضياعه وذهابِه بالكلية من غير أن يعودَ إليهم نفعٌ ما بحرْثِ [ قومٍ ] كفارٍ ضربتْه صِرٌّ فاستأصلتْه ولم يبقَ لهم فيه منفعةٌ ما بوجه من الوجوه ، وهو من التشبـيه المركبَ الذي مرَّ تفصيلُه في تفسير قولِه تعالى : { كَمَثَلِ ٱلَّذِى ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } ولذلك لم يبالِ بإيلاء كلمةِ التشبـيهِ الريحَ دون الحرثِ ، ويجوز أن يرادَ مثَلُ إهلاكِ ما ينفقون كمثَل إهلاكِ ريحٍ أو مثلُ ما ينفقون كمثَل مهلِكِ ريحٍ وهو الحرثُ وقرىء تنفقون { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ } بما بـيَّنه من ضياع ما أنفقوا من الأموال { وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } لما أضاعوها بإنفاقها لا على ما ينبغي ، وتقديمُ المفعولِ لرعاية الفواصلِ لا للتخصيص ، إذ الكلامُ في الفعل باعتبار تعلّقِه بالفاعل لا بالمفعول أي ما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسَهم ، وصيغةُ المضارعِ للدَّلالة على التجدد والاستمرارِ ، وقد جُوِّز أن يكون المعنى وما ظلم الله تعالى أصحابَ الحرْثِ بإهلاكه ولكنهم ظلموا أنفسَهم بارتكاب ما استحقوا به العقوبةَ ، ويأباه أنه قد مر التعرُّضُ له تصريحاً ، وقرىء ولكنّ بالتشديد على أن أنفسَهم اسمُها ويظلِمون خبرُها والعائدُ محذوفٌ للفاصلة أي ولكنَّ أنفسَهم يظلِمونها ، وأما تقديرُ ضميرِ الشأن فلا سبـيلَ إليه لاختصاصه بالشعر ضرورةً كما في قوله : [ الطويل ]