Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 142-142)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَمْ حَسِبْتُمْ } كلامٌ مستأنفٌ سيق لبـيان ما هي الغايةُ القصوى من المُداولة والنتيجةِ لما ذُكر من تميـيز المخلِصين وتمحيصِهم واتخاذِ الشهداءِ وإظهارِ عزةِ منالِها ، والخطابُ للذين انهزموا يوم أحُدٍ وأمْ منقطعةٌ وما فيها من كلمةِ بل للإضراب عن التسلية ببـيان السببِ فيما لقُوا من الشدّة إلى تحقيق أنها مبادىءُ الفوزِ بالمطلب الأسني ، والهمزةُ للإنكار والاستبعادِ أي بل أحسِبتم { أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } وتفوزوا بنعيمها . وقوله تعالى : { وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ مِنكُمْ } حالٌ من ضمير تدخُلوا مؤكدةٌ للإنكار ، فإن رجاءَ الأجرِ بغير عملٍ ممن يعلم أنه منوطٌ به مستبعَدٌ عند العقولِ ، وعدمُ العلم كنايةٌ عن عدم المعلومِ لما بـينهما من اللزومِ المبنيِّ على لزوم تحققِ الأولِ لتحقق الثاني ضرورةَ استحالةِ تحققِ شيءٍ بدون علمِه تعالى به ، وإيثارُها على التصريح للمبالغة في تحقيق المعنى المرادِ فإنها إثباتٌ لعدم جهادِهم بالبرهان ، وللإيذان بأن مدارَ ترتبِ الجزاءِ على الأعمال إنما هو علمُ الله تعالى بها كأنه قيل : والحالُ أنه لم يوجَد الذين جاهدوا منكم ، وإنما وجِّه النفيُ إلى الموصوفين مع أن المنفيَّ هو الوصفُ فقط وكان يكفي أن يقال : ولما يعلمِ الله جهادَكم كنايةً عن معنى ولما تجاهدوا للمبالغة في بـيان انتفاءِ الوصفِ وعدمِ تحققِه أصلاً ، وفي كلمة لما إيذانٌ بأن الجهادَ متوقَّعٌ منهم فيما يُستقبل إلا أنه غيرُ معتبَرٍ في تأكيد الإنكارِ ، وقرىء يعلمَ بفتح الميم على أن أصله يعلَمَن فحُذفت النونُ ، أو على طريقة إِتباعِ الميمِ لما قبلها في الحركة لإبقاء تفخيمِ اسمِ الله تعالى ، و { مّنكُمْ } حالٌ من الذين { وَيَعْلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ } منصوبٌ بإضمار أن على أن الواوَ للجمع كما في قولك : لا تأكُلِ السمكَ وتشرَبَ اللبن أي لا يكن منك أكلُ السمك وشربُ اللبن والمعنى أم حسبتم أن تدخُلوا الجنة والحالُ أنه لم يتحقق منكم الجهادُ والصبرُ أي الجمعُ بـينهما ، وإيثارُ اسمِ الفاعلِ على الموصول للدِلالة على أن المعتبرَ هو الاستمرارُ على الصبر ، وللمحافظة على الفواصلِ ، وقيل : مجزومٌ معطوفٌ على المجزوم قبله قد حُرِّك لالتقاء الساكنين بالفتح للخِفة والإتباعِ كما مر ، ويؤيِّده القراءةُ بالكسر على ما هو الأصلُ في تحريك الساكن ، وقرىء يعلمُ بالرفع على أن الواوُ للحال وصاحبُها الموصولُ ، والمبتدأُ محذوفٌ أي وهو يعلمُ الصابرين كأنه قيل : ولما تجاهدوا وأنتم صابرون ؟