Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 14-14)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ زُيّنَ لِلنَّاسِ } كلامٌ مستأنفٌ سيق لبـيان حقارةِ شأن الحظوظ الدنيوية بأصنافها وتزهيدٌ للناس فيها وتوجيهٌ لرغباتهم إلى ما عنده تعالى إثرَ بـيانِ عدم نفعِها للكفرة الذين كانوا يتعزّزون بها والمرادُ بالناس الجنس { حُبُّ ٱلشَّهَوٰتِ } الشهوة نزوعُ النفس إلى ما تريده والمراد هٰهنا المشتهَيات ، عبّر عنها بالشهوات مبالغةَ كونِها مشتهاةً مرغوباً فيها كأنها نفسُ الشهوات أو إيذاناً بانْهماكِهم في حبها بحيث أحبوا شهواتِها كما في قوله تعالى : { إِنّى أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ } [ ص ، الآية 32 ] أو استرذالاً لها فإن الشهوة مسترذَلةٌ مذمومة من صفات البهائم ، والمزيِّنُ هو الباري سبحانه وتعالى إذ هو الخالقُ لجميع الأفعال والدواعي والحكمةُ في ذلك ابتلاؤهم ، قال تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ } [ الكهف ، الآية 7 ] الآية ، فإنها ذريعة لنيل سعادة الدارين عند كونِ تعاطيها على نهج الشريعةِ الشريفة ووسيلةً إلى بقاء النوع ، وإيثارُ صيغة المبني للمفعول للجري على سَنن الكبرياء ، وقرىء على البناء للفاعل وقيل : المزيِّنُ هو الشيطان لما أن مساقَ الآية الكريمة على ذمها . وفرّق الجبائيّ بـين المباحات فأسند تزيـينها إليه تعالى ، وبـين المحرمات فنسب تزيـينها إلى الشيطان { مِنَ ٱلنّسَاء وَٱلْبَنِينَ } في محل النصب على أنه حال من الشهوات وهي مفسِّرة لها في المعنى ، وقيل : { مِنْ } لبـيان الجنس وتقديمُ النساء على البنين لعراقتهن في معنى الشهوة فإنهن حبائلُ الشيطان وعدم التعرض للبنات لعدم الاطّراد في حبهن { وَٱلْقَنَـٰطِيرِ ٱلْمُقَنطَرَةِ } جمعُ قِنطار وهو المالُ الكثير ، وقيل : مائةُ ألفِ دينار وقيل : ملءُ مَسْكِ ثور ، وقيل : سبعون ألفاً وقيل : أربعون ألفَ مثقالٍ ، وقيل : ثمانون ألفاً وقيل : مائةُ رِطل وقيل : ألفٌ ومِائتَا مثقالٍ ، وقيل : ألفُ دينار وقيل : مائة قنطار ومائة رطل ومائة مثقال ومائة درهم وقيل : ديةُ النفس واختلف في أن وزنه فعلال أو فنعال ، ولفظُ ( المقنطرة ) مأخوذ منه للتأكيد كقولهم : بَدْرةٌ مُبدَرة ، وقيل : المقنطرة المحْكمة المحْصنة ، وقيل : الكثيرة المُنضّدة بعضُها على بعض أو المدفونة المضروبة المنقوشة . { مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ } بـيان للقناطير أو حال { وَٱلْخَيْلِ } عطف على القناطير وقيل : هي جمع لا واحد له من لفظه كالقوم والرهط ، والواحد فرس وقيل : واحدُه خائل وهو مشتق من الخُيلاء { ٱلْمُسَوَّمَةِ } أي المُعْلمة من السِمة وهي العلامة أو المرْعيّة من أسام الدابة وسوَّمها إذا أرسلها وسيَّبها للرعي أو المُطَهّمة التامةُ الخَلقْ { وَٱلأَنْعَـٰمِ } أي الإبل والبقر والغنم { وَٱلْحَرْثِ } أي الزرع مصدر بمعنى المفعول . { ذٰلِكَ } أي ما ذكر من الأشياء المعهودة { مَّتَاعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } أي ما يُتمتّع به في الحياة الدنيا أياماً قلائلَ فتفنىٰ سريعاً { وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلْمَأَبِ } حسنُ المرجِع ، وفيه دلالةٌ على أن ليس فيما عُدّد عاقبةٌ حميدة ، وفي تكرير الإسناد بجعل الجلالة مبتدأ وإسنادِ الجملة الظرفية إليه زيادةُ تأكيدٍ وتفخيم ومزيدُ اعتناء بالترغيب فيما عند الله عز وجل من النعيم المقيم ، والتزهيدُ في ملاذّ الدنيا وطيباتها الفانية .