Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 1-4)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
( سورة الروم ) مكية إلا قوله { فسبحان الله } الآية . وهى ستون آية . { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم } { الم } الكلامُ فيه كالذي مرَّ في أمثالِه من الفواتحِ الكريمةِ { غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِى أَدْنَى ٱلأَرْضِ } أي أدنى أرضِ العربِ منهم إذ هيَ الأرضُ المعهودةُ عندهم وهي أطراف الشَّامِ أو في أدنى أرضِهم من العربِ على أنَّ اللامَ عوضٌ عن المضافِ إليهِ . قال مجاهدٌ : هي أرضُ الجزيرةِ وهي أدْنى أرضِ الرُّومِ إلى فارسَ . وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما : الأردنُّ وفلسطينُ . وقُرىء أدانِي الأرضِ { وَهُمْ } أي الرُّوم { مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ } أي بعد مغلوبـيَّتهم . وقُرىء بسكونِ اللامِ وهي لغةٌ كالجَلَب والجَلْب { سَيَغْلِبُونَ } أي سيَغلِبون فارسَ { فِى بِضْعِ سِنِينَ } رُوي أنَّ فارسَ غَزَوا الرُّومَ فوافَوهم بأَذْرِعَاتٍ وبُصرَى وقيل : بالجزيرةِ كما مرَّ فغلبوا عليهم ، وبلغ الخبرُ مكَّة ففرح المشركون وشمِتُوا بالمسلمينَ وقالُوا : أنتُم والنَّصارى أهلُ كتابٍ ونحن وفارسُ أميُّون وقد ظهر إخوانُنا على إخوانِكم فلنظهرنَّ عليكم ، فقال أبُو بكرٍ رضي الله عنه : لا يقْرِرِ الله أعينَكم فوالله ليظهرنَّ الرومُ على فارسَ بعد بضعِ سنين ، فقال له أُبـيُّ بنُ خَلَف اللَّعينُ : كذبتَ اجعل بـيننا أجلاً أناحِبُك عليه فناحبَه على عشرِ قلائصَ من كلَ منهُما وجعلا الأجلَ ثلاثَ سنينَ فأخبر به أبُو بكرٍ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ : " البضعُ ما بـين الثَّلاثِ إلى التِّسعِ فزيدُوه في الخطرِ ومادِّه في الأجلِ " فجعلاها مائةَ قلوصٍ إلى تسعِ سنينَ ومات أبـيُّ من جرحِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وظهرتِ الرُّوم على فارسَ عند رأسِ سبعِ سنينَ وذلك يومَ الحديبـيةِ ، وقيل : كانَ النَّصرُ للفريقينِ يومَ بدرٍ فأخذَ أبُو بكر الخَطَر من ذريَّةِ أبـيَ فجاء به رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ : " تصدَّق به " . وكانَ ذلك قبلَ تحريمِ القِمارِ . وهذه الآياتُ من البـيِّناتِ الباهرةِ الشَّاهدةِ بصحَّةِ النُّبوةِ وكونِ القُرآنِ من عندِ الله عزَّ وجلَّ حيثُ أخبرتْ عن الغيبِ الذي لا يعلمُه إلا العليمُ الخبـيرُ . وقُرىء غَلَبت على البناءِ للفاعلِ وسيُغلبون على البناءِ للمفعولِ والمعنى أنَّ الرُّوم غلبتْ على ريفِ الشامِ وسيغلبُهم المسلمونَ وقد غَزَاهُم المسلمون في السَّنةِ التَّاسعةِ من نزولِها ففتحُوا بعضَ بلادِهم ، فإضافةُ الغَلَب حينئذٍ إلى الفاعلِ . { لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } أي في أولِ الوقتينِ وفي آخرِهما حين غُلبوا وحين يغلِبون ، كأنَّه قيل : من قبلِ كونِهم غالبـينَ وهو وقتُ كونِهم مغلوبـينَ ومن بعدِ كونِهم مغلوبـينَ وهو وقتُ كونِهم غالبـينَ والمعنى أنَّ كلاًّ من كونِهم مغلوبـينَ أولاً وغالبـين آخراً ليس إلا بأمرِ الله تعالى وقضائِه { وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ } [ سورة آل عمران : الآية 140 ] . وقُرىء من قبلِ ومن بعدِ بالجرِّ من غيرِ تقديرِ مُضافٍ إليهِ واقتطاعِه كأنَّه قيل : قبلاً وبَعْداً ، بمعنى أولاً وآخِراً { وَيَوْمَئِذٍ } أي يومَ إذْ يغلبُ الرُّومُ على فارسَ ويحلُّ ما وعدَه الله تعالى من غلبتِهم { يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ } .