Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 122-123)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } مبتدأٌ خبرُه قوله تعالى : { سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً } قرَن وعيدَ الكفرةِ بوعد المؤمنين زيادةً لمَسرَّة هؤلاءِ ومَساءةِ أولئك { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّا } أي وعَده وعداً وحقَّ ذلك حقاً ، فالأولُ مؤكدٌ لنفسه لأن مضمونَ الجملةِ الاسميةِ وعدٌ ، والثاني مؤكدٌ لغيره ويجوز أن ينتصِبَ الموصولُ بمضمر يفسِّره ما بعده وينتصب { وَعَدَ ٱللَّهُ } بقوله تعالى : { سَنُدْخِلُهُمْ } لأنه في معنى نعِدُهم إدخالَ جناتٍ الخ ، وحقاً على أنه حال من المصدر { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } جملةٌ مؤكدةٌ بليغةٌ ، والمقصودُ من الآية معارضَةُ مواعيدِ الشيطانِ الكاذبةِ لقرنائه بوعد الله الصادقِ لأوليائه والمبالغةُ في تأكيده ترغيباً للعباد في تحصيله ، والقيلُ مصدرٌ كالقول والقال ، وقال ابنُ السِّكِّيتِ : القيلُ والقالُ اسمانِ لا مصدرانِ ونصبُه على التميـيز وقرىء بإشمام الصادِ ، وكذا كلُّ صادٍ ساكنةٍ بعدها دالٌ . { لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيّكُمْ وَلا أَمَانِىّ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } أي ليس ما وعد الله تعالى من الثواب يحصُل بأمانيكم أيها المسلمون ولا بأمانيِّ أهلِ الكتابِ وإنما يحصُل بالإيمان والعملِ الصالحِ ، ولعل نظمَ أمانيِّ أهلِ الكتابِ في سلك أمانيِّ المسلمين مع ظهور حالِها للإيذان بعدم إجداءِ أمانيِّ المسلمين أصلاً كما في قوله تعالى : { وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } [ النساء ، الآية 18 ] كما سلف ، وعن الحسن ليس الإيمانُ بالتمنِّي ولكنْ ما وقر في القلب وصدّقه العملُ ، إن قوماً ألهتْهم أمانيُّ المغفرةِ حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنةَ لهم وقالوا : نُحسِنُ الظنَّ بالله وكذَبوا لو أحسنوا الظنَّ به لأحسنوا العملَ . وقيل : ( إن المسلمين وأهلَ الكتاب افتخروا فقال أهلُ الكتاب : نبـيُّنا قبل نبـيِّكم وكتابُنا قبل كتابِكم فنحن أولى بالله تعالى منكم ، فقال المسلمون : نحنُ أولى منكم نبـيُّنا خاتمُ النبـيـين وكتابُنا يقضي على الكتب المتقدمةِ فنزلت ) . وقيل : ( الخطابُ للمشركين ) ويؤيده تقدّمُ ذكرِهم أي ليس الأمرُ بأمانيِّ المشركين وهو قولُهم : لا جَنةَ ولا نارَ ، وقولُهم : إن كان الأمرُ كما يزعُم هؤلاء لنكونَنّ خيراً منهم وأحسنَ حالاً ، وقولُهم : لأوتين مالاً وولداً ، ولا أمانيِّ أهلِ الكتاب ، وهو قولُهم : { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَـٰرَىٰ } [ البقرة ، الآية 111 ] وقولُهم { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً } [ البقرة ، الآية 80 ] ثم قرر ذلك بقوله تعالى : { مَن يَعْمَلْ سُوءا يُجْزَ بِهِ } عاجلاً أو آجلاً لما روي أَنَّهُ " لما نزلت قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : فمن ينجو مع هذا يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما تحزنُ أو تمرَضُ أو يصيبُك البلاء ؟ " ، قال : بلى يا رسول الله ، قال : " هو ذاك " { وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي مجاوزاً لموالاة الله ونُصرتِه { وَلِيّاً } يواليه { وَلاَ نَصِيراً } ينصُره في دفع العذاب عنه .