Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 18-21)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ } أي القيامةِ سميتْ بَها لأُزوفِهَا وهُو القربُ غيرَ أنَّ فيهِ إشعاراً بضيقِ الوقتِ وقيلَ الخطةُ الآزفةُ وهي مشارفةُ أهلِ النارِ دخولَها وقيل : وقتَ حضورِ الموتِ كما في قولِه تعالَى : { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } [ سورة الواقعة : الآية 83 ] وقولِه : { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } [ سورة القيامة : الآية 26 ] وقولُه تعالَى : { إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ } بدلٌ منْ يومَ الآزفةِ فإنَّها ترتفعُ من أماكِنها فتلتصقُ بحلوقِهم فلا تعودُ فيتروّحوا ولا تخرجُ فيستريحوا بالموتِ { كَـٰظِمِينَ } عَلى الغَمِّ حالٌ منْ أصحابِ القلوبِ عَلى المَعْنى إِذِ الأصلُ قلوُبُهم أوْ مِنْ ضميرِهَا في الظرفِ وجمعُ السلامةِ باعتبارِ أنَّ الكظَم منْ أحوالِ العُقلاءِ كقولِه تعالَى : { فَظَلَّتْ أَعْنَـٰقُهُمْ لَهَا خَـٰضِعِينَ } [ سورة الشعراء : الآية 4 ] أوْ منْ مفعولِ أنذرْهم عَلى أنَّها حالٌ مقدرةٌ أيْ أنذرهُم مقدراً كظمَهُم أوْ مشارفينَ الكظمَ . { مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } أَيْ قريبٍ مشفقٍ { وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } أيْ لاَ شفيعَ مُشفَّعٌ على مَعْنى نفِي الشفاعةِ والطاعةِ معاً على طريقةِ قولِه : [ الطويل ] @ على لاحبٍ لا يُهتدى بمنارِ [ إذا سافه العوذُ الديافيُّ جَرْجَرا ] @@ والضمائرُ إنْ عادتْ إلى الكُفارِ وهو الظاهرُ فوضعُ الظالمينَ موضعَ ضميرِهم للتسجيلِ عليهم بالظلمِ وتعليلِ الحكمِ بهِ { يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلأَعْيُنِ } النظرةَ الخائنةَ كالنظرةِ الثانيةِ إلى غيرِ المَحْرمِ واستراقِ النظرِ إليهِ أو خيانةَ الأعينِ على أنها مصدرٌ كالعافيةِ { وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } من الضمائرِ والأسرارِ والجملةُ خبرٌ آخرُ مثلُ يُلقي الروحَ للدِّلالةِ على أنَّه ما مِنْ خفيَ إلا وهُو متعلقُ العلمِ والجزاءِ . { وَٱللَّهُ يَقْضِى بِٱلْحَقّ } لأنَّه المالكُ الحاكُم على الإطلاقِ فلا يقضِي بشيءٍ إلا وهُو حقٌّ وعدلٌ { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } يعبدونَهم { مِن دُونِهِ } تعالَى { لاَ يَقْضُونَ بِشَيْء } تهكمٌ بهم لأنَّ الجمادَ لا يُقالُ في حقِّه يَقْضِي أو لا يَقْضِي . وقُرىء تَدْعُون عَلى الخطابِ التفاتاً أو على إضمارِ قُلْ { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } تقريرٌ لعلمِه تعالَى بخائنةِ الأعينِ وقضائِه بالحقِّ ووعيدٌ لهمُ على ما يقولونَ ويفعلو نَ وتعريضٌ بحالِ ما يدْعونَ من دونِه . { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ } أي مآلُ حالِ مَنْ قبلَهم من الأُممِ المكذبةِ لرُسلِهم كعادٍ وثمودَ وأضرابِهم . { كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } قدرةً وتمكناً من التصرفاتِ . وإنَّما جيءَ بضميرِ الفصلِ معَ أنَّ حقَّه التوسطُ بـينَ معرفتينِ لمضاهاةِ أفعلَ للمعرفةِ في امتناعِ دخولِ اللامِ عليهِ . وقُرِىءَ أشدَّ منكُم بالكافِ { وَءَاثَاراً فِي ٱلأَرْضِ } مثلُ القلاعِ الحصينةِ والمدائنِ المتينةِ ، وقيلَ : المَعْنى وأكثرَ آثاراً ، كقولِه : [ مجزوء الطويل ] @ [ يا ليت زوجَك قد غدا ] متقلداً سيفاً ورُمحاً @@ { فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } أخذاً وبـيلاً { وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } أي منْ واقٍ يقيهم عذابَ الله .