Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 59-64)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا } أي في مجيئِها لوضوحِ شواهدِها وإجماعِ الرسلِ على الوعدِ بوقوعِها . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } لا يُصدقونَ بها لقصورِ أنظارِهم على ظواهرِ ما يُحسُّون به . { وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى } أي اعبدونِي { أَسْتَجِبْ لَكُمْ } أي أُثِبْكُم لقولِه تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰخِرِينَ } أيْ صاغرينَ أذلاّء وإنْ فُسِّرِ الدعاءُ بالسؤالِ كانَ الأمرُ الصارفُ عنه منزّلاً منزلةَ الاستكبارِ عن العبادةِ للمبالغةِ أو المرادُ بالعبادةِ الدعاءُ فإنَّه من أفضلِ أبوابِها . وقُرِىءَ سيُدخلُونَ على صيغةِ المبنيِّ للمفعولِ من الإدخالِ . { ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } بأنْ حلقَهُ بارداً مُظلماً ليُؤدِّيَ إلى ضعفِ المحركاتِ وهُدءِ الحواسِّ لتستريحُوا فيهِ . وتقديمُ الجارِّ والمجرورِ على المفعولِ قد مرَّ سرُّه مراراً { وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً } أي مُبصَراً فيهِ أو بهِ . { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ } عظيمٍ لا يُوازيِه ولا يدانيِه فضلٌ . { عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } لجهلِهم بالمُنعمِ وإغفالِهم مواضعَ النعمِ ، وتكريرُ النَّاسِ لتخصيصِ الكفرانِ بهم . { ذٰلِكُمْ } المتفردُ بالأفعالِ المقتضيةِ للألوهيةِ والربوبـيةِ { ٱللَّهُ رَبُّـكُمْ خَـٰلِقُ كُـلّ شَىْء لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أخبارٌ مترادفةٌ تخصصُ اللاحقةُ منها السابقةَ وتُقررها . وقُرِىءَ خالقَ بالنصبِ على الاختصاصِ فيكونُ لاَ إلَه إلا هُو استئنافاً بما هُو كالنتيجة للأوصاف المذكورةِ { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } فكيفَ ، ومن أيِّ وجهٍ تُصرفونَ عن عبادتِه خاصَّةً إلى عبادةِ غيرِه { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي مثلَ ذلكَ الإفكِ العجيبِ الذي لا وجَه لهُ ولا مصححَ أصلاً يؤفكُ كلُّ من جحدَ بآياتِه تعالَى أيَّ آية كانتْ لا إفكاً آخرَ له وجهٌ ومصحِّحٌ في الجملة { ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَاء بِنَـاء } بـيانٌ لفضلِه تعالى المتعلقِ بالمكانِ بعد بـيانِ فضلِه المتعلقِ بالزمانِ . وقولُه تعالَى : { وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } بـيانٌ لفضلِه المتعلقِ بأنفسِهم ، والفاءُ في فأحسنَ تفسيريةٌ فإنَّ الإحسانَ عينُ التصويرِ أي صوَّركُم أحسنَ تصويرٍ حيثُ خلقكُم مُنتصِبـي القامةِ باديَ البَشَرةِ متناسبَ الأعضاءِ والتخطيطاتِ متهيئاً لمزاولةِ الصنائعِ واكتسابِ الكمالاتِ . { وَرَزَقَكُم مّنَ ٱلطَّيّبَاتِ } أي اللذائذِ { ذٰلِكُمْ } الذي نُعتَ بما ذُكرَ من النعوتِ الجليلةِ { ٱللَّهُ رَبُّكُمُ } خبرانِ لذلكُم { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ } أي تعالَى بذاتِه { رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي مالكُهم ومربـيِهم والكلُّ تحتَ ملكوتِه مفتقرٌ إليه في ذاتِه ووجودِه وسائرِ أحوالِه جميعاً بحيثُ لو انقطعَ فيضُه عَنه آناً لانعدمَ بالكليةِ .