Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 4-7)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقولُه تعالى : { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْعَظِيمُ } خبرانِ له وعلى الوجوهِ السابقةِ استئنافٌ مقرٌّ لعزتِه وحكمتِه . { تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ } وقُرِىَء بالياءِ { يَتَفَطَّرْنَ } يتشقّقنَ من عظمةِ الله تعالىَ وقيلَ : من دعاءِ الولدِ له كما في سُورةِ مريمَ وقُرِىءَ يَنْفَطرنَ ، والأولُ أبلغُ لأنَّه مطاوعُ فطَّر ، و هذا مطاوعُ فَطَر . وقُرِىءَ تَنْفطِرْنَ بالتاءِ لتأكيدِ التأنيثِ وهو نَادرٌ { مِن فَوْقِهِنَّ } أي يبتدأُ التفطرُ من جهتهنَّ الفوقانيةِ وتخصيصُها على الأولِ لما أنَّ أعظمَ الآياتِ وأدلَّها على العظمةِ والجلالِ من تلكَ الجهةِ ، وعلى الثَّانِي للدلالةِ على التفطرِ من تحتهنَّ بالطريقِ الأَولى ، لأنَّ تلكَ الكلمةَ الشنعاءَ الواقعةَ في الأرضِ حيثُ أثرتْ في جهةِ الفوقِ فلأنْ تؤثرَ في جهةِ التحتِ أَوْلى وقيلَ : الضميرُ للأرضِ فإنَّها في مَعنْى الأرضينَ { وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ } ينزهونَهُ تعالى عمَّا لا يليقُ به ملتبسينَ بحمدِه { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى ٱلأَرْضِ } بالسَّعي فيما يستدعِي مغفرتَهُم من الشفاعةِ والإلهامِ وترتيبِ الأسبابِ المقربةِ إلى الطاعةِ واستدعاءِ تأخيرِ العقوبةِ طمعاً في إيمانِ الكافرِ وتوبةِ الفاسقِ . وهذا يعمُّ المؤمنَ والكافرَ ، بلْ لو فُسِّر الاستغفارُ بالسَّعي فيما يدفعُ الخللَ المتوقعَ عمَّ الحيوانَ بلِ الجمادَ وحيثُ خُصَّ بالمؤمنينَ كَما في قولِه تعالى : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } [ سورة غافر ، الآية 7 ] فالمرادُ به الشفاعةُ { أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } إذْ ما منْ مخلوقٍ إلا ولَهُ حظٌ عظيمٌ من رحمتِه تعالَى ، والآيةُ عَلى الأولِ زيادةُ تقرير لعظمتِه تعالَى ، وعلى الثَّاني بـيانٌ لكمالِ تقدُّسهِ عمَّا نُسبَ إليهِ ، وأنَّ تركَ معاجلتِهم بالعقابِ على تلك الكلمةِ الشنعاءِ بسببِ استغفارِ الملائكةِ وفرطِ غفرانِه ورحمتِه ، ففيها رمزٌ إلى أنَّه يقبلُ استغفارَهُم ويزيدُهُم على ما طلبُوه من المغفرةِ رحمةً . { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } شركاءَ وأنداداً { ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ } رقيبٌ على أحوالِهم وأعمالِهم فيجازيَهمُ بها { وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } بموكّلٍ بهم أو بموكولٍ إليك أمرُهم وإنما وظيفتُكَ الإنذارُ . { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءاناً عَرَبِيّاً } ذلكَ إشارةٌ إلى مصدر أَوْحَينا ومحلُّ الكافِ النصبُ على المصدريةِ ، وقرآنا عربـياً مفعول لأوحينَا أي ومثلَ ذلكَ الإيحاءِ البديعِ البـيِّنِ المفُهم أَوْحينا إليكَ قرآناً عربـياً لا لَبْسَ فيه عليكَ ولا على قومكَ ، وقيلَ : إشارةٌ إلى مَعْنى الآيةِ المتقدمةِ من أنَّه تعالى هُو الحفيظُ عليهم وإنما أنتَ نذيرٌ فحسب ، فالكافُ مفعولٌ به لأَوحينا ، وقرآناً عربـياً حالٌ من المفعولِ بِه أيْ أوحيناهُ إليكَ وهو قرآنٌ عربـيٌّ بـيِّنٌ . { لّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } أيْ أهلَها وهيَ مكةُ { وَمَنْ حَوْلَهَا } من العربِ { وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } أي يومَ القيامةِ لأنه يُجمعُ فيه الخلائقُ قال تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ } [ سورة التغابن ، الآية 9 ] وقيلَ : تُجمعُ فيه الأرواحُ والأشباحُ ، وقيلَ : الأعمالُ والعُمالُ . والإنذارُ يتعدَّى إلى مفعولينِ ، وقد يستعملُ ثانيهما بالباءِ ، وقد حُذفَ هنها ثانِي مفعولَيْ الأولِ وأولُ مفعولَيْ الثَّانِي للتهويلِ وإيهامِ التعميمِ . وقُرِىءَ لينذرَ بالياءِ على أنَّ فاعلَهُ ضميرُ القرآنِ . { لاَ رَيْبَ فِيهِ } اعتراضٌ مقررٌ لما قبلَهُ { فَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ } أي بعدَ جمعِهم في الموقفِ فإنَّهم يُجمعونَ فيه أولاً ثمَّ يفرقونَ بعد الحسابِ ، والتقديرُ منهمُ فريقٌ والضميرُ للمجموعينَ لدلالةِ الجمعِ عليهِ وقِرِئَا منصوبـينِ على الحاليةِ منهُم أيْ وتنذرَ يومَ جمعِهم متفرقين أي مشارفينَ للتفرقَ أو متفرقينَ في دارَيْ الثوابِ والعقابِ .