Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 23-25)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } تعجيبٌ من حالِ مَنْ تركَ متابعةَ الهُدى إلى مُطاوعةِ الهَوَى فكأنَّه عبدُه أيْ أنظرتَ فرأيتَهُ فإنَّ ذلكَ مِمَّا يُقْضَى منه العجبُ . وقُرِىءَ آلهةً هواهُ لأنَّ أحدَهُم كانَ يستحسنُ حجراً فيعبدُه فإذا رَأى أحسنَ منه رفضَهُ إليهِ فكأنَّه اتخذَ آلهةً شتَّى { وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ } وخذلَه { عَلَىٰ عِلْمٍ } أي عالماً بضلالِه وتبديلِه لفطرةِ الله تعالى التي فطرَ النَّاسَ عليها . { وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ } بحيثُ لا يتأثرُ بالمواعظِ ولا يتفكرُ في الآياتِ والنذرِ . { وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً } مانعةً عن الاستبصارِ والاعتبارِ . وقُرِىءَ بفتحِ الغينِ وضمِّها ، وقُرِىءَ غشوةً { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ } أي من بعدِ إضلالِه تعالى إيَّاهُ بموجبِ تعاميهِ عنِ الهُدى وتماديهِ في الغيِّ { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي أَلاَ تلاحظونَ فلا تذكَّرونَ وقُرىءَ تتذكرونَ على الأصلِ . { وَقَالُواْ } بـيانٌ لأحكامِ ضلالِهم المحكيِّ أي قالُوا من غايةِ غيِّهم وضلالِهم { مَا هِىَ } أيْ ما الحَيَاةُ { إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } التي نحنُ فيَها { نَمُوتُ وَنَحْيَا } أي يصيبنا الموتُ والحياةُ فيها وليسَ وراءَ ذلكَ حياةٌ وقيلَ : نكونُ نطفاً وما قبلَها وما بعدَها ونحيا بعدَ ذلكَ ، أو نموتُ بأنفسِنا ونحيَا ببقاءِ أولادِنا أو يموتُ بعضُنا ويحيا بعضُنا وقد جُوِّزَ أنْ يريدُوا به التناسخَ فإنَّه عقيدةُ أكثرِ عبدةِ الأوثانِ . وقُرِىءَ نَحْيَا { وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } إلا مرورُ الزمانِ وهُو في الأصلِ مدةُ بقاءِ العالمِ من دَهَرهُ أي غلَبُه . وقِرِىءَ إلا دهرٌ يمرُّ وكانُوا يزعمونَ أن المؤثرَ في هلاكِ الأنفسِ هُو مرورُ الأيامِ والليالِي وينكرونَ ملكَ الموتِ وقبضَه للأرواحِ بأمرِ الله تعالى ويضيفونَ الحوادثَ إلى الدهرِ والزمانِ . ومنْهُ قولُه صلى الله عليه وسلم : " لا تسبُّوا الدهرَ فإنَّ الله هو الدهرُ " أي فإنَّ الله هُو الآتِي بالحوادثِ لا الدهرُ . { وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ } أي بما ذُكِرَ من اقتصارِ الحياةِ على ما في الدُّنيا واستنادِ الحياةِ والموتِ إلى الدهرِ { مِنْ عِلْمٍ } مَا مستندٍ إلى عقلٍ أو نقلٍ { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } ما هُم إلا قومٌ قُصارى أمرِهم الظنُّ والتقليدُ من غيرِ أنْ يكونَ لهم شيءٌ يصحُّ أنْ يتمسكَ به في الجملةِ ، هذا معتقدُهم الفاسدُ في أنفسِهم { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا } النَّاطقةُ بالحقِّ الذي من جُمْلَته البعثُ { بَيّنَـٰتٍ } واضحاتِ الدلالةِ على ما نطقت بهِ أو مبـيناتٍ له { مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ } بالنصبِ على أنَّه خبرُ كانَ أيْ مَا كانَ متمسكاً لهم شيءٌ من الأشياءِ . { إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتُواْ بِئَابآئِنَا إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في أنَّا نبعثُ بعدَ الموتِ أيْ إلاَّ هذا القولُ الباطلُ الذي يستحيلُ أنْ يكونَ من قبـيلِ الحُجَّةِ ، وتسميتُه حجةً إمَّا لسوقِهم إيَّاهُ مساقَ الحُجَّةِ على سبـيلِ التهكمِ بهم أو لأنَّه من قبـيلِ : @ [ وخيلٌ قد دَلَفْتُ لها بخيْلٍ ] تحيةُ بـينِهم ضربٌ وجيعُ @@ وقُرىءَ برفعِ حجَّتَهم على أنها اسمُ كانَ فالمَعْنى ما كانَ حجَّتُهم شيئاً من الأشياءِ إلا هَذا القولَ الباطلَ .