Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 31-33)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰقَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَءامِنُواْ بِهِ } أرادُوا به ما سمعُوه من الكتابِ وصفُوه بالدَّعوةِ إلى الله تعالى بعدَ ما وصفُوه بالهدايةِ إلى الحقِّ والصراطِ المستقيمِ لتلازمِهما ، دَعَوهم إلى ذلكَ بعدَ بـيانِ حقِّيتِه واستقامتِه ترغيباً لهم في الإجابةِ ثم أكَّدُوه بقولِهم { يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } أي بعضَ ذنوبكم وهو ما كانَ في خالصِ حقِّ الله تعالى فإنَّ حقوقَ العبادِ لا تُغفرُ بالإيمانِ . { وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } معدَ للكفرةِ . واختُلفَ في أنَّ لهم أجراً غيرَ هذا أو لاَ والأظهرُ أنَّهم في حُكمِ بني آدمَ ثواباً وعقاباً . وقولُه تعالى : { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِىَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى ٱلأَرْضَ } إيجابٌ للإجابةِ بطريقِ الترهيبِ إثرَ إيجابِها بطريقِ الترغيبِ ، وتحقيقٌ لكونهم منذرينَ . وإظهارُ دَاعي الله من غيرِ اكتفاءٍ بأحدِ الضميرينِ للمبالغةِ في الإيجابِ بزيادةِ التقريرِ وتربـيةِ المهابةِ وإدخالِ الرَّوعةِ ، وتقيـيدُ الإعجازِ بكونِه في الأرضِ لتوسيعِ الدائرةِ أي فليسَ بمعجزٍ له تعالى بالهربِ وإن هربَ كلَّ مهربٍ من أقطارِها أو دخلَ في أعماقِها . وقولُه تعالى { وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } بـيانٌ لاستحالةِ نجاتِه بواسطةِ الغيرِ إثرَ بـيانِ استحالةِ نجاتِه بنفسهِ . وجمعُ الأولياءِ باعتبارِ مَعْنى مَنْ فيكونُ من بابِ مقابلةِ الجمع بالجمعِ لانقسامِ الآحادِ إلى الآحادِ كما أنَّ الجمعَ في قولِه تعالى { أُوْلَـٰئِكَ } بذلكَ الاعتبارِ ، أي أولئكَ الموصوفونَ بعدِ إجابةِ داعِي الله . { فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } أي ظاهرٌ كونَهُ ضلالاً بحيثُ لا يَخْفى على أحدٍ حيثُ أعرضُوا عن إجابةِ مَنْ هَذا شأنُه . { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } الهمزةُ للإنكارِ ، والواو للعطفِ على مقدرٍ يستدعيهِ المقامُ . والرؤيةُ قلبـيةٌ أيْ ألم يتفكَّروا ولم يعلمُوا علماً جازماً مُتاخِماً للمشاهدةِ والعيانِ { أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } ابتداءً من غيرِ مثالٍ يحتذيهِ ولا قانونٍ ينتحيهِ . { وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ } أي لم يتعبْ ولم ينصَبْ بذلك أصلاً أو لم يعجزْ عنهُ . يقالُ عيـيتُ بالأمرِ إذا لم يُعرفْ وجَههُ . وقولُه تعالى : { بِقَادِرٍ } في حيزِ الرفعِ لأنَّه خبرُ أنَّ كما ينبىءُ عنْهُ القراءةُ بغيرِ باءٍ ، ووجُه دخولِها في القراءةِ الأُولى اشتمالُ النفيِّ الواردِ في صدرِ الآيةِ على أنَّ وَمَا في حيزِها كأنَّه قيلَ : أو ليسَ الله بقادرٍ . { عَلَىٰ أَن يُحْيِىَ ٱلْمَوْتَىٰ } ولذلكَ أجيبَ عنه بقولِه تعالى : { بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ } تقريراً للقدرةِ على وجهٍ عامَ يكونُ كالبرهانِ على المقصودِ .