Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 39-40)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَمَن تَابَ } أي من السُرّاق إلى الله تعالى { مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ } الذي هو سرِقتُه ، والتصريحُ به مع أن التوبةَ لا تُتصوَّرُ قبلَه لبـيان عِظَم نعمتِه تعالى بتذكير عِظمِ جنايتِه { وَأَصْلَحَ } أي أمره بالتقصِّي عن تبعات ما باشرَه والعزمِ على ترك المعاودةِ إليها { فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ } أي يقبل توبتَه فلا يعذّبه في الآخرة ، وأما القطعُ فلا تُسقطُه التوبةُ عندنا ، لأن فيه حقَّ المسروقِ منه ، وتُسقطُه عند الشافعيِّ في أحد قوليه : { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } مبالِغٌ في المغفرة والرحمة ولذلك يَقبلُ توبتَه ، وهو تعليلٌ لما قبلَه ، وإظهارُ الاسمِ الجليل للإشعارِ بعِلَّة الحُكْم وتأيـيدِ استقلالِ الجملة وكذا في قوله عز وجل : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } فإن عُنوانَ الألوهية مدارُ أحكامِ ملكوتِهما ، والجارُّ والمجرورُ خبرٌ مقدّم ، ومُلكُ السموات والأرض مبتدأ ، والجملة خبرٌ لأنّ ، وهي مع ما في حيِّزِها سادّةٌ مَسدَّ مفعوليْ ( تعلم ) عند الجمهور ، وما فيه من تكريرِ الإسنادِ لتقويةِ الحُكْم ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق التلوين . وقيل : لكل أحدٍ صالحٍ للخطاب ، والاستفهامُ الإنكاريُّ لتقرير العلم ، والمرادُ به الاستشهادُ بذلك على قدرته تعالى على ما سيأتي من التعذيب والمغفرةِ على أبلغ وجهٍ وأتمِّه ، أي ألم تعلم أن الله له السلطانُ القاهر والاستيلاء الباهرُ المستلزِمانِ للقدرة التامة على التصرُّفِ الكليِّ فيهما وفيما فيهما إيجاداً وإعداماً وإحياءً وإماتةً إلى غير ذلك حسْبما تقتضيه مشيئتُه { يُعَذّبُ مَن يَشَاء } أن يعذِّبه { وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء } أن يغفرَ له من غير نِدٍّ يساهمُه ولا ضدَ يزاحمُه ، وتقديمُ التعذيبِ على المغفرة لمراعاةِ ما بـين سببـيهما من الترتيب ، والجملة إما تقريرٌ لكون ملكوتِ السموات والأرضِ له سبحانه ، أو خبرٌ آخرُ لأن . { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } فيقدِرُ على ما ذَكَر من التعذيب والمغفرة ، والإظهارُ في موقع الإضمارِ لما مرَّ مراراً والجملة تذيـيلٌ مقرِّرٌ لما قبلها .