Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 46-47)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِم } شروعٌ في بـيان أحكام الإنجيلِ إثْرَ بـيانِ أحكام التوراة وهو عطفٌ على ( أنزلنا التوراة ) أي آثارِ النبـيـين المذكورين ، يقال : قَفَّيتُه بفلان إذا أتبعتُه إياه ، فحذَفَ المفعولَ لدلالة الجار والمجرور عليه أي قفيناهم { بِعَيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } أي أرسلناه عَقيبَهم { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَوْرَاةِ } حالٌ من عيسى عليه السلام { وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيل } عطفٌ على قفَّينا وقرىء بفتح الهمزة { فِيهِ هُدًى وَنُورٌ } كما في التوراة وهو في محل النصْب على أنه حال من الإنجيل أي كائناً فيه ذلك كأنه قيل : مشتملاً على هدى ونور ، وتنوينُ هدىً ونورٌ للتفخيم ، ويندرج في ذلك شواهدُ نبوتِه عليه السلام { وَمُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ } عطف عليه داخلٌ في حكم الحالية وتكريرُ ( ما بـين يديه من التوراة ) لزيادة التقرير { وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لّلْمُتَّقِينَ } عطفٌ على مصدقاً منتظمٌ معه في سلك الحالية جُعل كلُّه هدىً بعد ما جُعل مشتملاً عليه حيث قيل : ( فيه هدى ) وتخصيصُ كونِه هدىً وموعظةً بالمتقين لأنهم المهتدون بهداه والمنتفعون بجَدْواه . { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ٱلإنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ } أمرٌ مبتدأٌ لهم بأن يحكموا ويعملوا بما فيه من الأمور التي من جملتها دلائلُ رسالتِه عليه الصلاة والسلام وشواهدُ نبوته وما قرَّرت الشريعة الشريفةُ من أحكامه ، وأما أحكامُه المنسوخةُ فليس الحكمُ بهما حكماً بما أنزل الله فيه بل هو إبطالٌ وتعطيلٌ له ، إذ هو شاهدٌ بنسخها وانتهاءِ وقت العمل بها ، لأن شهادته بصحة ما ينسَخُها من الشريعة شهادةٌ بنسخها ، وبأن أحكامَه ما قرَّرتْه تلك الشريعةُ التي شهد بصحتها كما سيأتي في قوله تعالى : { يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَىْء حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإنجِيلَ } [ المائدة ، الآية 68 ] الآية ، وقيل : هو حكايةٌ للأمر الوارد عليهم بتقدير فعلٍ معطوف على آتيناه أي وقلنا : ليحكم أهلُ الإنجيل الخ ، وقرىء ( وأن ) ليحكم على أنّ ( أنْ ) موصولةٌ بالأمر كما في قولك : أمرته بأن قم ، كأنه قيل : وآتيناه الإنجيل وأمَرْنا بأن يحكُمَ أهلُ الإنجيل الخ ، وقرىء على صيغة المضارع ولام التعليل على أنها متعلقةٌ بمقدَّر كأنه قيل : ولِيَحْكُمَ أهلُ الإنجيل بما أنزل الله فيه آتيناه إياه ، وقد عُطِفَ على ( هدى وموعظة ) على أنهما مفعول لهما ، كأنه قيل : وللهدى والموعظة آتيناه إياه وللحُكْم بما أنزل الله فيه . { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ } منكراً له مستهيناً به { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } المتمردون الخارجون عن الإيمان ، والجملة تذيـيلٌ مقرِّر لمضمون الجملة السابقة ومؤكِّد لوجوب الامتثال بالأمر ، وفيه دلالة على أن الإنجيلَ مشتملٌ على الأحكام ، وأن عيسى عليه السلام كان مستقلاً بالشرع مأموراً بالعمل بما فيه من الأحكام قلَّت أو كثُرت ، لا بما في التوراة خاصة ، وحملُه على معنى وليحكم بما أنزل الله فيه من إيجابِ العملِ بأحكام التوراة خلافُ الظاهر .