Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 72-72)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } شروع في تفصيل قبائح النصارى وإبطالِ أقوالهم الفاسدة بعد تفصيل قبائح اليهود ، وهؤلاء هم الذين قالوا : إن مريم وَلَدت إلٰهاً ، قيل : هم الملكانية والمار يعقوبـية منهم ، وقيل : هم اليعقوبـية خاصة ، قالوا : ومعنى هذا أن الله تعالى حل في ذات عيسى واتحد بذاته ، تعالى الله عن ذلك علواً كبـيراً . { وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ } حال من فاعل قالوا بتقدير قد ، مفيدةٌ لمزيد تقبـيحِ حالهم ببـيان تكذيبهم للمسيح وعدم انزجارِهم عما أصروا عليه بما أوعدهم به ، أي قالوا ذلك ، وقد قال المسيح مخاطباً لهم : { يَابَنِى إِسْرٰءيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبّى وَرَبَّكُمْ } فإني عبدٌ مربوبٌ مثلُكم ، فاعبدوا خالقي وخالقَكم { إٍِنَّهُ } أي الشأن { مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } أي شيئاً في عبادته أو فيما يختص به من صفات الألوهية { فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ } فلن يدخلها أبداً ، كما لا يصل المحرم عليه إلى المحرم ، فإنها دار الموحدين ، وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتهويل الأمر وتربـية المهابة { وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ } فإنها هي المعدّة للمشركين ، وهذا بـيان لابتلائهم بالعقاب إثرَ بـيانِ حرمانِهم الثوابَ . { وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } أي ما لهم من أحد ينصُرهم بإنقاذهم من النار ، إما بطريق المغالبة أو بطريق الشفاعة ، والجمع لمراعاة المقابلة بالظالمين ، واللام إما للعهد والجمع باعتبار معنى ( مَنْ ) كما أن الإفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها ، وإما للجنس وهم داخلون فيه دخولاً أولياً ، ووضعه على الأول موضع الضمير للتسجيل عليهم بأنهم ظلموا بالإشراك وعدلوا عن طريق الحق ، والجملة تذيـيل مقرر لما قبله ، وهو إما من تمام كلام عيسى عليه السلام ، وإما واردٌ من جهته تعالى تأكيداً لمقالته عليه السلام ، وتقريراً لمضمونها ، وقد قيل : إنه من كلامه عز وجل على معنى أنهم ظلموا وعدلوا عن سبـيل الحق فيما تقوّلوا على عيسى عليه السلام ، فلذلك لم يساعدْهم عليه ولم ينصُرْ قولهم ، ورده وأنكره ، وإن كانوا معظِّمين له بذلك ، ورافعين من مقداره . أو من قول عيسى عليه السلام على معنى لا ينصركم أحد فيما تقولون ولا يساعدكم عليه لاستحالته وبُعْده عن المعقول ، وأنت خبـير بأن التعبـيرَ عما حُكي عنه عليه السلام من مقابلته لقولهم الباطل بصريح الرد والإنكار ، والوعيد بحرمان الجنة ودخول النار بمجرد عدم مساعدته على ذلك ، ونفْي نُصْرته له ، مع خُلوِّه عن الفائدة تصويرٌ للقوي بصورة الضعيف وتهوين للخطب في مقام تهويله ، بل ربما يوهم ذلك بحسب الظاهر ما لا يليق بشأنه عليه السلام من توهم المساعدةِ والنُصرة ، لا سيما مع ملاحظة قوله : وإن كانوا معظمين له الخ ، إلا أن يحمل الكلامُ على التهكم بهم ، وكذا الحالُ على تقدير كونه من تمام كلامِه عليه السلام ، فإن زجْرَه عليه السلام إياهم عن قولهم الفاسد بما ذُكر من عدم الناصرِ والمساعدِ بعد زجره إياهم بما مر من الرد الأكيدِ والوعيدِ الشديد بمعزِلٍ من الإفادة والتأثير ، ولا سبـيل هٰهنا إلى الاعتذار بالتهكم .