Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 8-10)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمنُوا } شروعٌ في بـيان الشرائع المتعلقةِ بما يجري بـينهم وبـين غيرِهم إثْرَ بـيانِ ما يتعلق بأنفسهم { كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ } مقيمين لأوامره ممتثلين لها معظِّمين لها مراعين لحقوقها { شُهَدَاء بِٱلْقِسْطِ } أي بالعدل { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ } أي لا يحمِلَنَّكم { شَنَآنُ قَوْمٍ } أي شدةُ بغضِكم لهم { عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ } فلا تشهَدوا في حقوقهم بالعدل أو فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحِلُّ كَمُثلةٍ وقَذْفٍ وقتلِ نساءٍ وصِبْـيةٍ ونقضِ عهدٍ تشفياً وغيرِ ذلك { ٱعْدِلُواْ هُوَ } أي العدلُ { أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } الذي أمرتم به ، صرح لهم بالأمر بالعدل وبـيّن أنه بمكانٍ من التقوى بعد ما نهاهم عن الجَوْر ، وبـيَّن أنه مُقتضىٰ الهوى ، وإذا كان وجوبُ العدل في حق الكفار بهذه المثابة فما ظنُّك بوجوبه في حق المسلمين { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أمرَ بالتقوى إثْرَ ما بـين أن العدلَ أقربُ له اعتناءً بشأنه وتنبـيهاً على أنه مَلاكُ الأمر { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الأعمال فيجازيكم بذلك وتكريرُ هذا الحُكم إما لاختلاف السببِ ، كما قيل إن الأولَ نزل في المشركين وهذا في اليهود ، أو لمزيد الاهتمام بالعدل والمبالغة في إطفاءِ ثائرةِ الغيظ والجملة تعليلٌ لما قبلها وإظهارُ الجلالة لما مرَّ مرات . وحيث كان مضمونُها منبئاً عن الوعد والوعيد عقَّب بالوعد لمن يُحافظ على طاعته تعالى وبالوعيد لمن يُخِلُّ بها فقيل : { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } التي من جملتها العدل والتقوى . { لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } حُذفَ ثانِيَ مفعولي وَعَدَ استغناءً عنه بهذه الجملة ، فإنه استئنافٌ مبـيِّنٌ له وقيل : الجملةُ في موقع المفعول ، فإن الوعدَ ضربٌ من القول ، فكأنه قيل : وعدَهم هذا القولَ { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَا } التي من جملتها ما تُلِيَ من النصوص الناطقة بالأمر بالعدل والتقوى { أُوْلَـٰئِكَ } الموصوفون بما ذُكر من الكفر وتكذيبِ الآيات { أَصْحَـٰبِ ٱلْجَحِيمِ } ملابسوها ملابَسةً مؤبَّدة . من السُنة السنية القرآنية شفْعُ الوعدِ بالوعيد ، والجمعُ بـين الترغيب والترهيب ، إيفاءً لحق الدعوة بالتبشير والإنذار .