Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 9-16)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقولُه تعالَى : { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَاء مَوْراً } ظرفٌ لواقعٌ مبـينٌ لكيفيةِ الوقوعِ منبىءٌ عنْ كمالِ هولِه وفظاعتِه ، والمَوْرُ الاضطرابُ والترددُ في المجيءِ والذهابِ وقيلَ هُو تحركٌ في تموجٍ قيلَ تدورُ السماءُ كما تدورُ الرَّحَا وتتكّفأُ بأهلِها تكفؤَ السفينةِ وقيلَ تختلفُ أجزاؤُها { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } أيْ تزولُ عن وَجْه الأرضِ فتصيرُ هباءً ، وتأكيدُ الفعلينِ بمصدريِهما للإيذانِ بغرابتهِما وخروجهِما عنِ الحدودِ المعهودةِ أيْ موراً عجيباً وسيراً بديعاً لا يُدركُ كُنْهُهما . { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } أيْ إذَا وقعَ ذلكَ أوْ إذَا كانَ الأمرُ كَما ذكرَ فويلٌ يومَ إذْ يقعُ ذلكَ لَهُم { ٱلَّذِينَ هُمْ فِى خَوْضٍ } أي اندفاعِ عجيبٍ في الأباطيلِ والأكاذيبِ { يَلْعَبُونَ } يلهوُن { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } أيْ يدفعونَ إليَها دفعاً عنيفاً شديداً بأَنْ تغلَّ أيديهمْ إلى أعناقِهم وتجمعَ نواصيهِم إلى أقدامِهم فيدُفعُوا إِلى النارِ وَقُرِىءَ يُدْعَوْنَ منَ الدُّعاءِ فيكونُ دعَّا حالاً بمَعْنى مدعوعينَ . ويومَ إمَّا بدلٌ منْ يومَ تمورُ أَوْ ظرفٌ لقولٍ مقدرٍ قبلَ قولِه تعالَى : { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } أيْ يُقالُ لَهُم ذلكَ ومَعنْى التكذيبِ بَها تكذيبُهم بالوحِي الناطقِ بَها وقولُه تعالَى : { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } توبـيخٌ وتقريعٌ لَهُم حيثُ كانُوا يسمُّونَهُ سِحْراً كأنَّه قيلَ كُنتم تقولونَ للقرآنِ الناطقِ بهذا سحرٌ فهَذا أَيْضاً سحرٌ . وتقديمُ الخبرِ لأنَّه محطُّ الإنكارِ ومدارُ التوبـيخِ { أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } أيْ أَمْ أنتُم عُمْيٌ عنِ المُخبَر عَنْه كما كُنتم عمياً عن الخبرِ ، أو أمْ سُدَّتْ أبصارُكم كما سُدَّتْ في الدُّنيا على زعمكِم حيثُ كُنْتم تقولونَ { إنَّما سكّرتْ أبصارُنَا بَلْ نحنُ قومٌ مسحورونَ } [ سورة الحجر ، الآية 15 ] { ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُواْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ } أي ادْخلُوهَا وقاسُوا شدائدَهَا فافعلُوا ما شئِتُم منَ الصَّبرِ وعدمِه { سَوَاء عَلَيْكُمْ } أي الأمرانِ في عدمِ النفعِ لاَ بدفعِ العذابِ ولا بتخفيفهِ وقولُه تعالَى : { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تعليلٌ للاستواءِ فإنَّ الجزاءَ حيثُ كانَ واجبَ الوقوعِ حتماً كان الصبرُ وعدمُه سواءً في عَدمِ النَّفعِ .