Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 14-22)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ مِن صَلْصَـٰلٍ كَٱلْفَخَّارِ } تمهيدٌ للتوبـيخِ على إخلالِهم بمواجبِ شكرِ النعمةِ المتعلقةِ بذواتِ كلِّ واحدٍ من الثقلينِ . والصلصالُ الطينُ اليابسُ الذي له صلصلةٌ ، والفخَّارُ الخزفُ . وقد خلقَ الله تعالى آدمَ عليهِ السلامُ من ترابٍ جعلَهُ طيناً ثم حمأً مسنوناً ثم صلصالاً فلا تنافيَ بـين الآيةِ الناطقةِ بأحدِها وبـينَ ما نطقَ بأحدِ الآخرينِ . { وَخَلَقَ ٱلْجَانَّ } أي الجِنَّ أو أبَا الجِنِّ . { مِن مَّارِجٍ } من لهبٍ صافٍ { مّن نَّارٍ } بـيانٌ لمارجٍ فإنَّه في الأصلِ للمضطربِ ، منْ مَرَجَ إذا اضطربَ . { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } مما أفاضَ عليكُما في تضاعيفِ خلقِكما من سوابغِ النعمِ { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } بالرفعِ على خبريَّة مبتدأٍ محذوفٍ أي الذي فعلَ ما ذُكِرَ من الأفاعيلِ البديعةِ ربُّ مشرقي الصيفِ والشتاءِ ومغربـيهما ، ومن قضيتِه أن يكونَ ربَّ ما يبنهُمَا منَ الموجوداتِ قاطبةً ، وقيلَ على الابتداءِ والخبرُ قولُه تعالى مرجَ الخ . وقُرِىءَ بالجرِّ على أنَّه بدلٌ من ربِّكُما . { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } ممَّا في ذلكَ من فوائدَ لا تُحصى من اعتدالِ الهواءِ واختلافِ الفصولِ وحدوثِ ما يناسبُ كلَّ فصلٍ في وقتِه إلى غيرِ ذلكَ . { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ } أي أرسلَهُما منْ مرجتُ الدابَّةَ إذا أرسلتُها والمَعْنى أرسلَ البحرَ المِلْحَ والبحرَ العذبَ { يَلْتَقِيَانِ } أي يتجاورانِ ويتماسُّ سطوحُهما لا فصلَ بـينَهما في مرأى العينِ وقيلَ : أرسلَ بحرَيْ فارسَ والرومِ يلتقيانِ في المحيطِ لأنهما خليجانِ يتشعبانِ منه { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ } أي حاجزٌ من قُدرةِ الله عزَّ وجَلَّ أو منَ الأرضِ { لاَّ يَبْغِيَانِ } أي لا يبغِي أحدُهما على الآخرِ بالممازجةِ وإبطالِ الخاصِّيةِ أو لا يتجاوزانِ حدَّيهُما بإغراقِ ما بـينهُما { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } وليسَ منهُما شيءٌ يقبلُ التكذيبَ { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ } الدرُّ { وَالمَرْجَانُ } الخرزُ الأحمرُ المشهورُ وقيلَ : اللؤلؤُ كبارُ الدرِّ والمرجانُ صغارُه فنسبةُ خروجِهما حينئذٍ إلى البحرينِ معَ أنَّهما إنما يخرجانِ من المِلْحِ على ما قالُوا ، لما قيلَ : أنَّهما لا يخرجانِ إلا من مُلتقى المِلْحِ والعذبِ ، أو لأنَّهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد ساغ أن يقال يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحرِ مع أنهما لا يخرجانِ من جميعِ البحرِ ، ولكنْ من بعضِه وهو الأظهرُ . وقُرِىءَ يُخرَجُ مبنياً للمفعولِ من الإخراجِ ومبنياً للفاعلِ بنصبِ اللؤلؤُ والمرجانُ وبنونِ العظمةِ .