Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 30-40)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَظِلّ مَّمْدُودٍ } ممتدَ منبسطٍ لا يتقلصُ ولا يتفاوتُ كظلِّ ما بـينَ طلوعِ الفجرِ وطلوعِ الشمسِ { وَمَاء مَّسْكُوبٍ } يُسكبُ لهُم أينما شاءُوا وكيفَما أرادُوا بلا تعبٍ أو مصبوبٍ سائلٍ يجري على الأرضِ في غير أخدودٍ ، كأنَّه مثّلِ حالَ السابقينَ بأقصى ما يتصورُ لأهلِ المدنِ وحالَ أصحابِ اليمينِ بأكملِ ما يتصورُ لأهلِ البوادِي إيذاناً بالتفاوتِ بـينَ الحالينِ { وَفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } بحسبِ الأنواعِ والأجناسِ { لاَّ مَقْطُوعَةٍ } في وقتٍ من الأوقاتِ كفواكهِ الدُّنيا { وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } عن مُتناولِيها بوجهٍ من الوجوهِ لا يُحظر عليها كما يُحظر على بساتينِ الدُّنيا . وقُرِىءَ فاكهةٌ كثيرةٌ بالرَّفعِ عَلى وهُناكَ فاكهةٌ الخ . كقولِه تعالى وحورٌ عينٌ . { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } أي رفيعةِ القدرِ أو منضدةٍ مرتفعةٍ أو مرفوعةٍ على الأسرّة وقيل الفرشُ النساءُ حيثُ يُكْنَى بالفراشِ عن المرأةِ وارتفاعُها كونُهنَّ على الأرائكِ . قالَ تعالَى : { هُمْ وَأَزْوٰجُهُمْ فِى ظِلَـٰلٍ عَلَى ٱلأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } [ سورة يس ، الآية 56 ] ويدلُّ عليهِ قولُه تعالى : { إِنَّا أَنشَأْنَـٰهُنَّ إِنشَاء } وعلى التفسيرِ الأولِ أضمر لهنُ لدلالةِ ذكرِ الفُرشِ التي هي المضاجعُ عليهن دلالةً بـينةً والمعنى ابتدأنَا خلقهنَّ ابتداءً جديداً أو أبدعناهنَّ من غيرِ ولادٍ إبداءً أو إعادةً وفي الحديثِ : هُنَّ اللواتِي قُبضن في دارِ الدنيا عجائزَ شُمطاً رُمْصاً جعلهنَّ الله تعالَى بعدَ الكبرِ أتراباً على ميلادٍ واحدٍ في الاستواءِ كلما أتاهنَّ أزواجُهنَّ وجدوهنَّ أبكاراً . وذلكَ قولُه تعالى : { فَجَعَلْنَـٰهُنَّ أَبْكَـٰراً } وقوله تعالى : { عُرُباً } جمعُ عروبٍ وهي المتحببةُ إلى زوجِها الحسنةُ التبعلِ . وقُرِىءَ عُرْباً بسكونِ الراءِ { أَتْرَاباً } مستوياتٍ في السنِّ بناتِ ثلاثٍ وثلاثين سنةً وكذا أزواجُهنَّ واللامُ في قولِه تعالى : { لأَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ } متعلقةٌ بأنشأنَا أو جعلنَا أو بأتراباً كقولِك هَذا تِربٌ لهَذا أي مساوٍ له في السنِّ وقيل : بمحذوفٍ هو صفةٌ لأبكاراً أي كائناتٍ لأصحابِ اليمينِ أو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أي هُنَّ لأصحابِ اليمينِ وقيل : خبرٌ لقولهِ تعالى : { ثُلَّةٌ مّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مّنَ ٱلآخِرِينَ } وهو بعيد بل هو خبر مبتدأ محذوف ختمت به قصة أصحاب اليمين أي هم أمة من الأولين وأمة من الآخرين وقد مرّ الكلام فيهما ، وعن أبي العالية ومجاهد وعطاء والضحاك ثلةٌ من الأولينَ أي من سابقِي هذه الأمةِ وثلةٌ من الآخرينَ من هذه الأمةِ في آخرِ الزمانِ . وعن سعيدِ بن جُبـيرٍ عن ابن عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا في هذه الآيةِ قال : قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " هم جَميعاً منْ أمَّتِي " .