Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 21-23)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَابِقُواْ } أي سارِعُوا مسارعةَ المسابقينَ لأقرانِهم في المضمار { إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ } عظيمةٍ كائنةٍ { مّن رَّبّكُمْ } أي إلى موجباتِها من الأعمال الصَّالحةِ { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } أي كعرضِهما جميعاً وإذا كانَ عرضُها كذلكَ فما ظنُّك بطولِها ، وقيلَ : المرادُ بالعرضِ البسطةُ . وتقديمُ المغفرةِ على الجنةِ لتقديم التخليةِ على التحليةِ . { أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } فيه دليلٌ على أنَّ الجنَة مخلوقةٌ بالفعلِ وأنَّ الإيمانَ وحدَهُ كافٍ في استحقاقها { ذٰلِكَ } الذي وعدَ من المغفرةِ والجنةِ { فَضَّلَ ٱللَّهُ } عطاؤُه { يُؤْتِيهُ } تفضلاً وإحساناً { مَن يَشَآء } إيتاءَهُ إيَّاهُ من غيرِ إيجابِ { وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } ولذلكَ يُؤتى مَن يشاءُ مثلَ ذلكَ الفضلِ الذي لا غايةَ وراءَهُ . { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى ٱلأَرْضِ } كجدبٍ وعاهةٍ في الزرعِ والثمارِ { وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ } كمرضٍ وآفةٍ { إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ } أي إلا مكتوبةً مثبتةً في علمِ الله تعالى أو في اللَّوحِ { مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا } أي نخلقَ الأنفسَ أو المصائبَ أو الأرضَ { إِنَّ ذٰلِكَ } أي إثباتَها في كتابٍ { عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } لاستغنائِه فيهِ عن العُدَّةِ والمدةِ . { لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ } أي أخبرناكُم بذلكَ لئلاَّ تحزنُوا { عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ } من نعمِ الدُّنيا { وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَا ءَاتَـٰكُمْ } أي أعطاكُم الله تعالَى منها ، فإنَّ من علمَ أنَّ الكلَّ مقدرٌ يفوتُ ما قُدِّرَ فواتُه ويأتي ما قُدِّرَ إتيانُه لا محالةَ لا يعظُم جزعُه على ما فاتَ ولا فرحُه بما هُو آتٍ ، وقُرِىءَ بما أَتاكُم من الإتيانِ . وفي القراءةِ الأُولى إشعارٌ بأنَّ فواتَ النعمِ يلحقُها إذا خُلِّيتْ وطباعَها وأمَّا حصولُها وبقاؤُها فلا بُدَّ لهما من سببٍ يُوجدها ويُبقيها ، وقُرِىءَ بما أُوتيتُم . والمرادُ بهِ نفيُ الأَسَى المانعِ عن التسليم لأمر الله تعالى والفرحِ الموجبِ للبطرِ والاختيالِ ، ولذلكَ عقبَ بقولِه تعالى : { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } فإنَّ من فرحَ بالحظوظ الدنيويةِ وعظُمتْ في نفسه اختالَ وافتخَر بها لا محالةَ ، وفي تخصيص التذيـيلِ بالنَّهي عن الفرح المذكورِ إيذانٌ بأنَّه أقبحُ من الأَسَى .