Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 117-119)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } تقريرٌ لمضمون الشرطيةِ وما بعدها وتأكيدٌ لما يفيده من التحذير ، أي هو أعلمُ بالفريقين فاحذر أن تكون من الأولين ، و ( من ) موصولةٌ أو موصوفةٌ في محل النصبِ لا بنفس أعلمُ فإن أفعلَ التفضيلِ لا ينصِبُ الظاهرَ في مثل هذه الصور بل بفعل دلَّ هو عليه ، أو استفهاميةٌ مرفوعة بالابتداء والخبرُ يَضِلّ والجملةُ معلقٌ عنها الفعلُ المقدر ، وقرىء يُضِل بضم الياء على أن ( من ) فاعلٌ ليُضِل ومفعولُه محذوفٌ ومحلها النصب بما ذكر من الفعل المقدر أي هو أعلم يعلم من يُضِل الناسَ فيكون تأكيداً للتحذير عن طاعة الكفرةِ . وأما أن الفاعلَ هو الله تعالى ومَنْ منصوبةٌ بما ذكر أي يعلم مَنْ يُضِلّه أو مجرورةٌ بإضافة أعلمُ إليها أي أعلمُ المُضِلّين من قوله تعالى : { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } [ النساء ، الآية 88 ] أو من قولك : أضللتُه إذا وجدتُه ضالاً فلا يساعده السباقُ والسياقُ والتفضيلُ في العلم بكثرته وإحاطتِه بالوجوه التي يمكن تعلّقُ العلمِ بها ولزومُه وكونُه بالذات لا بالغير . { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } أمرٌ مترتبٌ على النهي عن اتباع المُضلّين الذين من جملة إضلالِهم تحليلُ الحرامِ وتحريمُ الحلالِ ، وذلك أنهم كانوا يقولون للمسلمين : إنكم تعبدون الله فما قتله الله أحقُّ أن تأكُلوه مما قتلتم أنتم فقيل للمسلمين : كلوا ممّا ذُكر اسمُه تعالى خاصة على ذبحه لا مما ذكر عليه اسمُ غيرِه فقط أو مع اسمه تعالى أو مات حتفَ أنفِه { إِن كُنتُم بِآيَـٰتِهِ } التي من جملتها الآياتُ الواردةُ في هذا الشأن { مُّؤْمِنِينَ } فإن الإيمانَ بها يقتضي استباحةَ ما أحله الله والاجتنابِ عما حرمه ، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ لدلالة ما قبله عليه . { وَمَا لَكُمْ أَن لا تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } إنكارٌ لأن يكون لهم شيءٌ يدعوهم إلى الاجتناب عن أكل ما ذُكر عليه اسمُ الله تعالى من البحائر والسوائبِ ونحوِها وقوله تعالى : { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم } الخ ، جملةٌ حاليةٌ مؤكدةٌ للإنكار كما في قوله تعالى : { وَمَا لَنَا أَن لا نُقَـٰتِلَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَـٰرِنَا وَأَبْنَائِنَا } [ البقرة ، الآية 246 ] أي وأيُّ سببٍ حاصلٍ لكم في ألا تأكُلوا مما ذكر اسمُ الله عليه ، أو وأيُّ غرضٍ يحمِلُكم على أن لا تأكلوا ويمنعُكم من أكله والحالُ أنه قد فصل لكم { مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } بقوله تعالى : { قُل لا أَجِدُ فِيمَا أُوْحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا } [ الأنعام ، الآية 145 ] الخ ، فبقي ما عدا ذلك على الحِلّ لا بقوله تعالى : { حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ } [ المائدة ، الآية 3 ] الخ ، لأنها مدنية ، وأما التأخرُ في التلاوة فلا يوجبُ التأخّرَ في النزول ، وقرىء الفعلان على البناء للمفعول وقرىء الأول على البناء للفاعل والثاني للمفعول { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } مما حرّم فإنه أيضاً حلالٌ حينئذ { وَإِنَّ كَثِيرًا } أي من الكفار { لَّيُضِلُّونَ } الناسَ بتحريم الحلالِ وتحليلِ الحرام كعمرو بنِ لُحَيّ وأضرابِه وقرىء يَضِلّون { بِأَهْوَائِهِم } الزائغةِ وشهواتِهم الباطلة { بِغَيْرِ عِلْمٍ } مقتبسٍ من الشريعة الشريفة مستندٍ إلى الوحي { إِنَّ رَّبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ } المتجاوزين لحدود الحقِّ إلى الباطل والحلالِ إلى الحرام .