Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 16-19)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ } على البناء للمفعول أي العذاب ، وقرىء على البناء للفاعل والضمير لله سبحانه ، وقد قرىء بالإظهار ، والمفعول محذوف وقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ } ظرف للصرف ، أي في ذلك اليوم العظيم ، وقد جوز أن يكون هو المفعول على قراءة البناء للفاعل بحذف المضاف أي عذاب يومئذ { فَقَدْ رَحِمَهُ } أي نجاه وأنعم عليه وقيل : فقد أدخله الجنة كما في قوله تعالى : { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } [ آل عمران ، الآية 185 ] والجملة مستأنفةٌ مؤكِّدةٌ لتهويل العذاب ، وضميرُ عنه ورَحمه ( لمن ) ، وهو عبارة عن غير العاصي { وَذَلِكَ } إشارة إلى الصرف أو الرحمة ، لأنها مؤوّلة بأن مع الفعل وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجته ، وبعد مكانه في الفضل ، وهو مبتدأ خبرُه قوله تعالى : { ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } أي الظاهرُ كونُه فوزاً وهو الظَفَر بالبُغية ، والألف واللام لقصره على ذلك . { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ } أي ببليةٍ كمرَض وفقر ونحو ذلك { فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ } أي فلا قادرَ على كشفه عنك { إِلاَّ هُوَ } وحده { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ } من صِحةٍ ونعمةٍ ونحو ذلك { فَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدُيرٌ } ومن جملته ذلك ، فيقدِرُ عليه فيمسَسْك به ويحفَظْه عليك من غير أن يقدِرَ علي دفعه ، أو على رفعه أحدٌ ، كقوله تعالى : { فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } [ يونس ، الآية 107 ] وحملُه على تأكيد الجوابـين يأباه الفاء . روي " عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : أُهدي للنبـي صلى الله عليه وسلم بغلةٌ أهداها له كسرى ، فركِبها بحبْل من شعر ثم أردفني خلفه ثم سار بـي ميلاً ، ثم التفت إلي فقال : « يا غلام » فقلت : لبـيك يا رسول الله . فقال : " أحفَظِ الله يحفَظْك ، احفظ الله تجدْه أمامك ، تعرَّفْ إلى الله في الرخاء يعرِفْك في الشدة ، وإذا سألت فاسألِ الله ، وإذا استعنت فاستعنْ بالله ، فقد مضىٰ القلمُ بما هو كائن ، فلو جَهَدَ الخلائقُ أن ينفعوك بما لم يقضِه الله لك لم يقدِروا عليه ، ولو جَهَدوا أن يضروك بما لم يكتُبِ الله عليك ما قدَروا عليه ، فإن استطعتَ أن تعملَ بالصبر مع اليقين فافعل ، فإن لم تستطِعْ فاصبر ، فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن مع الكرْب فرَجاً ، وأن مع العسر يسراً " " { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } تصويرٌ لقهره وعلوِّه بالغَلَبة والقُدرة { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } في كل ما يفعله ويأمر به { ٱلْخَبِيرُ } بأحوال عبادِه وخفايا أمورِهم ، واللام في المواضع الثلاثة للقصر . { قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَـٰدةً } روي ( أن قريشاً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد لقد سألنا عنك اليهودَ والنصارى فزعموا أنْ ليس عندهم ذكرٌ ولا صفةٌ فأرِنا من يشهد لك أنك رسولُ الله فنزلت ) . ( فأيّ ) مبتدأ و ( أكبرُ ) خبره و ( شهادة ) نُصب على التميـيز وقوله تعالى : { قُلِ ٱللَّهُ } أمرٌ له عليه الصلاة والسلام بأن يتولَّى الجواب بنفسه ، إما للإيذان بتعيُّنه وعدمِ قدرتهم على أن يجيبوا بغيره ، أو لأنهم ربما يتلعثمون فيه لا لتردُّدهم في أنه أكبرُ من كل شيء ، بل في كونه شهيداً في هذا الشأن ، وقوله تعالى : { شَهِيدٌ } خبرُ مبتدأ محذوف ، أي هو شهيد { بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } ويجوز أن يكون ( الله شهيد بـيني وبـينكم ) هو الجواب ، لأنه إذا كان هو الشهيدَ بـينه وبـينهم كان أكبرُ شيءٍ شهادةً شهيداً له عليه الصلاة والسلام ، وتكريرُ ( البـين ) لتحقيق المقابلة { وَأُوحِىَ إِلَىَّ } أي من جهته تعالى { هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ } الشاهدُ بصِحة رسالتي { لأِنذِرَكُمْ بِهِ } بما فيه من الوعيد ، والاقتصارُ على ذكر الإنذار لما أن الكلام مع الكفرة { وَمَن بَلَغَ } عطفٌ على ضمير المخاطَبـين أي لأنذركم به يا أهلَ مكةَ وسائرَ مَنْ بلغه من الأسودِ والأحمرِ أو من الثقلَيْن ، أو لأنذركم به أيها الموجودون ومَنْ سيوجد إلى يوم القيامة ، وهو دليل على أن أحكام القرآن تعمُّ الموجودين يوم نزولِه ومن سيوجد بَعْدُ إلى يوم القيامة ، خلا أن ذلك بطريق العبارة في الكل عند الحنابلة ، وبالإجماع عندنا في غير الموجودين وفي غير المكلفين يومئذ كما مر في أول سورة النساء { أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ } تقرير لهم مع إنكار واستبعاد { قُل لاَّ أَشْهَدُ } بذلك وإن شهدتم به فإنه باطل صِرْف { قُلْ } تكرير للأمر للتأكيد { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } أي بل إنما أشهد أنه تعالى لا إلٰه إلا هو { وَإِنَّنِى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ } من الأصنام أو من إشراككم .