Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 42-44)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقولُه تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلنَا } كلام مستأنفٌ مَسوقٌ لبـيان أن منهم من لا يدعو الله تعالى عند إتيانِ العذاب أيضاً لتماديهم في الغيِّ والضلال لا يتأثرون بالزواجر التكوينية كما لا يتأثرون بالزواجر التنزيلية . وتصديرُه بالجملة القَسَمية لإظهار مزيدِ الاهتمام بمضمونه ، ومفعول ( أرسلنا ) محذوف لما أن مقتضىٰ المقام بـيانُ حال المرسَل إليهم لا حالِ المرسلين ، أي وبالله لقد أرسلنا رسلاً { إِلَىٰ أُمَمٍ } كثيرة { مِن قَبْلِكَ } أي كائنة من زمان قبلَ زمانك { فَأَخَذْنَـٰهُمْ } أي فكذبوا رسلهم فأخذناهم { بِٱلْبَأْسَاء } أي بالشدة والفقر { وَٱلضَّرَّاء } أي الضرر والآفات وهما صيغتا تأنيثٍ لا مذكر لهما { لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } أي لكي يدعُوا الله تعالى في كشفها بالتضرّع والتذلل ويتوبوا إليه من كفرهم ومعاصيهم { فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ } أي فلم يتضرعوا حينئذ مع تحقق ما يستدعيه { وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } استدراكٌ عما قبله أي فلم يتضرعوا إليه تعالى برقةِ القلب والخضوع ، مع تحقق ما يدعوهم إليه ، ولكن ظهر منهم نقيضُه حيث قستْ قلوبُهم أي استمرتْ على ما هي عليه من القساوة أو ازدادَتْ قساوةً كقولك : لم يُكرِمْني إذ جئتُه ولكن أهانني { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } من الكفر والمعاصي فلم يُخْطِروا ببالهم أنّ ما اعتراهم من البأساء والضراء ما اعتراهم إلا لأجله وقيل : الاستدراك لبـيان أنه لم يكن لهم في ترك التضرُّع عذرٌ سوى قسوةِ قلوبهم والإعجابِ بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم وقوله تعالى : { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ } عطفٌ على مقدَّر ينساق إليه النظمُ الكريم أي فانهمَكوا فيه ونسُوا ما ذُكَّروا به من البأساء والضّراء ، فلما نسوه { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء } من فنون النَّعْماء على منهاج الاستدراج ، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال : " مُكِر بالقوم ورب الكعبة " وقرىء ( فتّحنا ) بالتشديد للتكثير وفي ترتيب الفتح على النسيان المذكور إشعارٌ بأن التذكر في الجملة غير خالٍ عن النفع ، و ( حتى ) في قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ } هي التي يُبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الشرطية كما في قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا جَاء أَمْرُنَا } [ هود ، الآية 40 ] الآية ونظائرِه ، وهي مع ذلك غاية لقوله تعالى : { فَتَحْنَا } أو لما يدل هم عليه كأنه قيل : ففعلوا ما فعلوا حتى إذا اطمأنوا بما أتيح لهم وبطِروا وأشِروا { أَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً } أي نزل بهم عذابنا فجأةً ليكون أشدَّ عليهم وقعاً وأفظع هولاً { فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } متحسِّرون غاية الحسرة آيسون من كل خير ، واجمون ، وفي الجملة الاسمية دلالة على استقرارهم على تلك الحالة الفظيعة .