Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 65-66)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً } استئنافٌ مَسوقٌ لبـيان أنه تعالى هو القادرُ على إلقائهم في المهالك إثرَ بـيانِ أنه هو المُنْجي لهم منها ، وفيه وعيدٌ ضمنيٌّ بالعذاب لإشراكهم المذكورِ على طريقة قولِه عز وجل : { أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرّ } [ الإسراء ، الآية 68 ] إلى قوله تعالى : { أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ } [ الإسراء ، الآية 69 ] ، و ( عليكم ) متعلقٌ ( بـيبعثَ ) وتقديمُه على مفعوله الصريح للاعتناء به والمسارعةِ إلى بـيان كون المبعوثِ مما يضرُّهم ، ولتهويل أمْرِ المؤخرِ . وقوله تعالى : { مّن فَوْقِكُمْ } متعلقٌ به أيضاً أو بمحذوف وقع صفةً لعذاباً أي عذاباً كائناً من جهة الفوق كما فَعَل بمن فَعَل من قوم لوطٍ وأصحابِ الفيل وأضرابِهم { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } أو من جهة السُفلِ كما فعل بفِرْعونَ وقارونَ ، وقيل : ( مِنْ فوقكم ) أكابِرُكم ورؤسائِكم و ( من تحت أرجلِكم ) سفلتُكم وعبـيدُكم ، وكلمة أو لمنع الخُلوّ دون الجمع ، فلا منْعَ لما كان من الجهتين معاً ، كما فُعل بقوم نوحٍ { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } أي يخلطَكم فِرَقاً متحزّبـين على أهواءَ شتّى ، كلُّ فرقةٍ مشايعةٌ لإمامٍ فينشَبُ بـينكم القتالُ فتختلطوا في الملاحم كقول الحَماسي : [ الكامل ] @ وكتيبةٍ لبَّستُها بكتيبة حتى إذا التَبَسَتْ نفضْتُ لها يدي @@ { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } عطفٌ على ( يبعثَ ) وقرىء بنون العظمة على طريقة الالتفات لتهويل الأمرِ والمبالغةِ في التحذير ، والبعضُ الأولُ الكفارُ والآخَرُ المؤمنون ففيه وعدٌ ووعيد . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه قال عند قوله تعالى : { عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ } : « أعوذُ بوجهك » . وعند قوله تعالى : { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } : « أعوذ بوجهك » . وعند قوله تعالى : { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } : هذا أهونُ أو هذا أيسرُ » ) . وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " سألت ربـي أن لا يبعثَ على أمتي عذاباً من فوقهم أو من تحت أرجلِهم فأعطاني ذلك ، وسألته أن لا يجعلَ بأسهم بـينهم فمنعني ذلك " { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرّفُ ٱلآيَـٰتِ } من حال إلى حال { لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } كي يفقَهوا ويقِفوا على جلية الأمرِ فيرجِعوا عماهم عليه من المكابرة والعِناد . { وَكَذَّبَ بِهِ } أي بالعذاب الموعود أو القرآنِ المجيد الناطقِ بمجيئه ، { قَوْمِكَ } أي المعاندون منهم ، ولعل إيرادَهم بهذا العنوان للإيذان بكمالِ سوءِ حالِهم ، فإن تكذيبَهم بذلك مع كونهم من قومه عليه الصلاة والسلام مما يقضي بغاية عَتُوِّهم ومكابرتهم ، وتقديم الجار والمجرور على الفاعل لما مر مراراً من إظهار الاهتمام بالمقدَّمِ والتشويق إلى المؤخر ، وقوله تعالى : { وَهُوَ ٱلْحَقُّ } حال من الضمير المجرورِ أي كذبوا به والحال أنه الواقعُ لا محالة ، أو أنه الكتابُ الصادقُ في كل ما نطقَ به ، وقيل : هو استئنافٌ ، وأياً ما كان ففيه دلالةٌ على عِظَم جنايتِهم ونهاية قُبْحِها { قُلْ } لهم منبِّهاً على ما يؤول إليه أمرُهم وعلى أنك قد أديتَ ما عليك من وظائف الرسالة { لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } بحفيظٍ وُكِّلَ إليَّ أمرُكم لأمنَعَكم من التكذيب وأُجبِرَكم على التصديق ، إنما أنا منذرٌ وقد خرجتُ عن العُهدة حيث أخبرتُكم بما سترَونه .