Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 97-98)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ } شروعٌ في بـيان نعمتِه تعالى في الكواكب إثرَ بـيانِ نعمتِه تعالى في النَّيِّرَيْنِ والجعلُ متعدَ إلى واحد واللامُ متعلقةٌ به ، وتأخيرُ المفعول الصريح عن الجار والمجرور لما مر غيرَ مرةٍ من الاهتمام بالمقدَّمِ والتشويق إلى المؤخر أي أنشأها وأبدعها لأجلكم ، فقوله تعالى : { لِتَهْتَدُواْ بِهَا } بدلٌ من المجرور بإعادة العامل بدلَ اشتمال كما في قوله تعالى : { لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً } [ الزخرف ، الآية 33 ] والتقدير جعلَ لكم النجومَ لاهتدائكم لكن لا على أن غايةَ خلقِها اهتداؤُهم فقط بل على طريقة إفراد بعضِ منافعِها وغاياتها بالذكر حسبما يقتضيه المقام ، وقد جُوِّز أن يكون مفعولاً ثانياً للجعل ، وهو بمعنى التصيـير أي جعلها كائنةً لاهتدائكم في أسفاركم عند دخولِكم المفاوزَ أو البحارَ كما ينبىء عنه قولُه تعالى : { فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } أي في ظلمات الليل في البر والبحر ، وإضافتُها إليهما للملابسة فإن الحاجة إلى الاهتداء بها إنما تتحقق عند ذلك أو في مشتَبِهات الطرق ، عبّر عنها بالظلمات على طريقة الاستعارة { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَـٰتِ } أي بـيّنا الآياتِ المتلُوَّةَ المذكِّرةَ لنِعَمه التي هذه النعمةُ من جملتها أو الآياتِ التكوينيةَ الدالةَ على شؤونه تعالى مفصّلةً { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي معانِيَ الآياتِ المذكورةِ ويعملون بموجبها أو يتفكرون في الآيات التكوينية فيعلمون حقيقةَ الحال ، وتخصيصُ التفصيل بهم مع عمومه للكل لأنهم المنتفعون به . { وَهُوَ ٱلَّذِي أَنشَأَكُم مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } تذكيرٌ لنعمةٍ أخرى من نِعَمه تعالى دالةٍ على عظيم قدرتِه ولطيفِ صُنعه وحكمتِه أي أنشأكم مع كثرتكم من نفس آدمَ عليه السلام { فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } أي فلكم استقرارٌ في الأصلاب أو فوق الأرض واستيداعٌ في الأرحام أو تحت الأرض أو موضعُ استقرارٍ واستيداعٍ فيما ذكر ، والتعبـيرُ عن كونهم في الأصلاب أو فوق الأرض بالاستقرار لأنهما مقرُّهم الطبـيعيُّ كما أن التعبـيرَ عن كونهم في الأرحام أو تحت الأرض بالاستيداع لِما أن كلاًّ منهما ليس بمقرِّهم الطبـيعيِّ ، وقد حُمل الاستيداعُ على كونهم في الأصلاب وليس بواضح ، وقرىء ( فمستقِر ) بكسر القاف أي فمنكم مستقِرٌ ومنكم مستوْدَعٌ فإن الاستقرارَ منّا ، بخلاف الاستيداع { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَـٰتِ } المبـينةَ لتفاصيل خلقِ البشرِ من هذه الآية ونظائرِها { لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } غوامضَ الدقائقِ باستعمال الفِطنة وتدقيقِ النظرِ فإن لطائفَ صنعِ الله عز وجل في أطوار تخليقِ بني آدمَ مما تحارُ في فهمه الألبابُ وهو السرُّ في إيثار ( يفقهون ) على يعلمون كما ورد في شأن النجوم .