Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 8-11)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الفاءُ في قولِه تعالَى : { فَـئَامِنُواْ } فصيحةٌ مفصحةٌ عن شرطٍ قد حُذفَ ثقةً بغايةِ ظهورِهِ أي إذا كانَ الأمرُ كذلكَ فآمنُوا { بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } محمدٍ صلى الله عليه وسلم { وَٱلنّورِ ٱلَّذِى أَنزَلْنَا } وهُو القرآنُ فإنَّه بإعجازِهِ بـيِّنٌ بنفسِهِ مبـيِّنٌ لغيرِهِ كما أنَّ النورَ كذلكَ . والالتفاتُ إلى نونِ العظمةِ لإبرازِ كمالِ العنايةِ بأمرِ الإنزالِ { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الامتثالِ بالأمرِ وعدمِهِ { خَبِيرٌ } فمجازيكُم عليهِ . والجملةُ اعتراضٌ تذيـيليٌّ مقررٌ لما قبلَهُ من الأمرِ موجبٌ للامتثالِ به بالوعدِ والوعيدِ ، والالتفاتُ إلى الإسمِ الجليلِ لتربـيةِ المهابةِ وتأكيدِ استقلالِ الجُملةِ { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ } ظرفٌ لتنبؤنَّ وقيلَ لخبـير لما فيهِ من مَعْنَى الوعيدِ كأنَّه قيلَ والله مجازيكُم ومعاقبكُم يومَ يجمعُكُم أو مفعولٌ لأذكُرْ وقُرِىءَ نَجْمعكُم بنونِ العظمةِ { لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ } ليومٍ يُجمعُ فيهِ الأولونَ والآخرونَ أي لأجلِ ما فيهِ من الحسابِ والجزاءِ { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } أي يومُ غَبْنِ بعضِ الناسِ بعضاً بنزولِ السعداءِ منازلَ الأشقياءِ لو كانوا سعداءَ وبالعكسِ وفي الحديثِ : " ما منْ عبدٍ يدخلُ الجنةَ إلا أُري مقعدَهُ من النارِ لو أساء ليزداد شُكراً وما من عبدٍ يدخلُ النارَ إلا أري مقعدَهُ من الجنةِ لو أحسنَ ليزدادَ حسرةً " وتخصيصُ التغابنِ بذلكَ اليومِ للإيذانِ بأن التغابنَ في الحقيقةِ هو الذي يقعُ فيهِ لا ما يقعُ في أمورِ الدُّنيا . { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَـٰلِحاً } أي عملاً صالحاً { يَكْفُرْ } أي الله عَزَّ وجلَّ وقُرىءَ بنونِ العظمةِ { عَنْهُ سَيّئَـٰتِهِ } يومَ القيامةِ { وَيُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً } وقُرِىءَ نُدخله بالنونِ { ذٰلِكَ } أي ما ذُكِرَ من تكفيرِ السيئاتِ وإدخالِ الجناتِ { ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } الذي لا فوزَ وراءَهُ لانطوائِهِ على النجاةِ من أعظمِ الهلكاتِ والظفرِ بأجلِّ الطلباتِ { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } أي النارُ كأنَّ هاتينِ الآيتينِ الكريمتينِ بـيانٌ لكيفيةِ التغابنِ { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ } من المصائبِ الدنيويةِ { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي بتقديرِهِ وإرادتِهِ كأنَّها بذاتِهَا متوجهةٌ إلى الإنسانِ متوقفةٌ على إذنِهِ تعالى : { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } عند إصابتِهَا للثباتِ والاسترجاعِ وقيل يهدِ قلبَهُ حتَّى يعلمَ أنَّ ما أصابَهُ لم يكُنْ ليخطئَهُ وما أخطأهُ لم يكُن ليصيبَهُ وقيلَ يهدِ قلبَهُ أي يلطفُ بهِ ويشرحُهُ لازديادِ الطاعةِ والخيرِ . وقُرِىءَ يُهْدَ قلبُهُ على البناءِ للمفعولِ ورفعِ قلبَهُ ، وقُرِىءَ بنصبِه على نهجِ سفِه نفسَهُ وقُرِىءَ بالهمزةِ أي يسكُن { وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء } من الأشياء التي من جُملتِهَا القلوبُ وأحوالِهَا { عَلِيمٌ } فيعلمُ إيمانَ المؤمنِ ويهدي قلبَهُ إلى ما ذُكِرَ .