Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 68, Ayat: 40-44)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَلْهُمْ } تلوينٌ للخطابِ وتوجيهٌ لهُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بإسقاطِهِم عن رُتبةِ الخطابِ أي سلهُم مُبكتاً لهُمْ . { أَيُّهُم بِذٰلِكَ } الحكمِ الخارجِ عن العقولِ { زَعِيمٌ } أي قائمٌ يتصدَّى لتصحيحِه { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء } يشاركونهم في هَذا القولِ ويذهبونَ مذهبَهُم . { فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُواْ صَـٰدِقِينَ } في دعواهُم إذْ لا أقلَّ من التقليدِ ، وقد نبَّه في هذِه الآياتِ الكريمةِ على أنْ ليسَ لهُم شيءٌ يُتوهمُ أنْ يتشبثُوا بهِ حتَّى التقليدُ الذي لا يُفلِحُ من تشبثَ بذيلِه ، وقيلَ المَعْنَى أمْ لهُم شركاءُ يجعلونَهُم مثلَ المسلمينَ في الآخرةِ . { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } أي يومَ يشتدُّ الأمرُ ويصعبُ الخطبُ ، وكشفُ الساقِ مَثَلٌ في ذلكَ وأصلُهُ تشميرُ المُخدَّراتِ عن سُوقهِنَّ في الهربِ ، قالَ حاتمٌ : @ أخُو الحربِ إنْ عضَّتْ بهِ الحربُ عَضَّها وإنْ شمَّرتْ عنْ ساقِهَا الحربُ شَمَّرا @@ وقيلَ ساقُ الشيءِ أصلُهُ الذي بهِ قوامُه كساقِ الشجرِ وساقِ الإنسانِ ، أيْ يومَ يُكشفُ عن أصلِ الأمرِ فتظهرُ حقائقُ الأمورِ وأصولُهَا بحيثُ تصيرُ عياناً ، وتنكيرُهُ للتهويلِ أو التعظيمِ . وقُرِىءَ تَكْشِفُ بالتاءِ على البناءِ للفاعلِ والمفعولِ ، والفعلُ للساعةِ أو الحالِ ، وقُرِىءَ نَكْشِفُ بالنونِ وتُكْشِفُ بالتاءِ المضمومةِ وكسرِ الشِّينِ من أكشفَ الأمرُ أي دخلَ في الكشفِ . وناصبُ الظرفِ فليأتُوا ، أو مضمرٍ مقدمٍ أي اذْكُر يومَ الخ . أو مؤخرٍ أي يومَ يكشفُ عن ساقٍ الخ . يكونُ من الأهوالِ وعظائمِ الأحوالِ ما لا يبلغُه الوصفُ { وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ } توبـيخاً وتعنيفاً على تركهِم إيَّاهُ في الدُّنيا وتحسيراً لهُم على تفريطِهِم في ذلكَ { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } لزوالِ القدرةِ عليهِ ، وفيهِ دلالةٌ على أنَّهُم يقصدونَ السجودَ فلا يتأتَّى منهُم ذلكَ . عنِ ابنِ مسعُودٍ رضيَ الله عنْهُ تعقمُ أصلابُهُم أي تُردُّ عظاماً بلا مفاصلٍ لا تنثني عندَ الرَّفعِ والخفضِ . وفي الحديثِ وتبقَى أصلابُهُم طَبقاً واحِداً أي فَقارةٌ واحدةٌ { خَـٰشِعَةً أَبْصَـٰرُهُمْ } حالٌ من مرفوعِ يُدعونَ ، على أنَّ أبصارَهُم مرتفعٌ بهِ على الفاعليةِ ، ونسبةُ الخشوعِ إلى الأبصارِ لظهورِ أثرِهِ فيهَا { تَرْهَقُهُمْ } تلحقُهُم وتغشاهُم { ذِلَّةٌ } شديدةٌ { وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ } في الدُّنيا . والإظهارُ في موضعِ الإضمارِ لزيادةِ التقريرِ ، أو لأنَّ المرادَ بهِ الصلاةُ أو ما فيها من السجودِ والدعوةُ دعوةُ التكليفِ . { وَهُمْ سَـٰلِمُونَ } متمكنُونَ منْهُ أقوَى تمكنٍ ، أي فلا يُجيبونَ إليهِ ويأبَونَهُ وإنَّما تُركَ ذكرُه ثقةً بظهورِهِ . { فَذَرْنِى وَمَن يُكَذّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } أي كِلْهُ إليَّ فإِنِّي أكفيكَ أمرَهُ ، أيْ حسبُكَ في الإيقاعِ بهِ والانتقام منهُ أنْ تَكِلَ امرَهُ إليَّ وتُخلِّي بـينِي وبـينَهُ ، فإنِّي عالمٌ بمَا يستحقُّه من العذابِ ، ومطيقٌ لهُ . والفاءُ لترتيبِ الأمرِ على ما قبلَهَا من أحوالِهِم المحكيةِ أيْ وإذَا كانِ حالُهُم في الآخرةِ كذلكَ فذرنِي ومن يكذِّبُ بهذا القرآنِ ، وتوكلْ عليَّ في الانتقامِ منْهُ . وقولُه تعالَى : { سَنَسْتَدْرِجُهُم } استئنافٌ مسوقٌ لبـيانِ كيفيةِ التعذيبِ المُستفادِ من الأمرِ السابقِ إجمالاً ، والضميرُ لمَنْ والجمعُ باعتبارِ معناهَا كما أنَّ الإفرادَ في يكذِّبُ باعتبارِ لفظِهَا أي سنستنزِلُهُم إلى العذابِ درجةً فدرجةً بالإحسانِ وإدامةِ الصحةِ وازديادِ النعمةِ . { مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } أنه استدراجٌ وهو الإنعامُ عليهِم بلْ يزعمونَ أنه إيثارٌ لهُم وتفضيلٌ على المؤمنينَ مع أنَّهُ سببٌ لهلاكِهِم .